تغريدة وتعليق السعودية والأمريكية توافقت بنية تغريدات التويتر المحدودة ب 140 حرفًا مع إيقاع عصرنا السريع، لكن أسراب المغردين وقعوا بين اتساع المدلول وتقلص الدال، فكيف للمغرد التعبير عن تفاعله اليومي مع تعقيدات الحياة بكافة مناحيها، وفي الوقت ذاته ينقطع صوته عند الحرف الأربعين بعد المائة؟! هنا كان من الطبيعي إبداع بنية نصية خاصة بالتغريدة، فمع كثرة المغردين تناسلت بنيات نصية تعتمد التكثيف والتركيز في رسم حوافها، وتغريدة اليوم تعتمد في بنائها على المفارقة التي تأتي من وصفي المرأة الأمريكية، والمرأة السعودية، فالوصف الثاني هو مدار التغريدة ومثار الطرافة فيها؛ لأنه يمثل إجابة غير منسجمة مع السؤال المفترض التقليدي(كيف خطيبك؟) فإذا كانت المرأة الأمريكية تنشد في خطيبها اللطف والود، فإن نظيرتها السعودية تنشد في خطيبها أوصافًا -لا رابط بينها ظاهريًّا- مما يستدعي إعادة نظر المتلقي في قراءتها .. ليصل إلى أنها تدور حول مبتغى رئيس هو (استقرار الحياة الزوجية)، وهنا تظهر المرأة السعودية بحسب هذه القراءة أكثر (براجماتية) من مثيلتها الأمريكية المنتمية إلى الثقافة الأمريكية القائمة في الأساس على الفلسفة النفعية، لذلك فإنه من الواضح أن لهذا البناء النصي رسالة ثقافية ترمي إلى نقد سلوك غير مرغوب فيه في حياتنا الاجتماعية والثقافية، من خلال استقطاب مراكز التأثير بسلطاتها المجتمعية والثقافية والتربوية .. إلى صناعة وبث ثقافة تتجاوز المادة إلى المودة، وإقصاء الأقارب إلى التقارب معهم والأثرة بينهم، وهذه الثقافة المنشودة توحي التغريدة بفقدانها من مجتمعنا وتوافرها عند الآخر. وإن كنا ندرك أن ديننا الإسلامي هو دين تهذيب الحياة الروحية ، لكن ما حدث في التغريدة هو قلب للمعادلة فالآخر الغربي المستقر في ذاكرتنا ماديَّتُه، يتحول إلى كائن روحي، بينما الذات المنتمية للفضائل الروحية تتحول إلى ذات مادية لا ترى في شريكها (المطلوب) إلا موردًا ماليًّا لا شريك لأحد معها فيه من أم أو قريب آخر، وهذه الثقافة (ثقافة مواصفات الخطيب) التي عبرت عنها التغريدة ليست مجرد طرفة أو توصيفًا لواقع بقدر ما هي رفض لما يحدث بدليل أن ثقافة اختيار الخطيب عند المرأة الأمريكية حلَّ أولًا ثم جاءت المرأة السعودية في الترتيب ثانيًا، وهذه إلماحة دلالية قائمة على تفضيل الوصف الأول، وانتقاص الوصف الثاني.