- من الجدير بالذكر بهذا الشأن أن هنالك أمور كثيرة لها شأنها مثيرة للجدل يصعب على الكثيرين إدراكها ومجراتها في نفس الوقت إلى حد كبير تتمحور إلى حد كبير في تفسير طبيعة ومستوى ومن ثم حجم التمدد الواسع لحزب الإصلاح اليمني الوريث الشرعي للتيار التقليدي المحافظ والمتطرف في الشأن الداخلي والسياسي والعسكري منه بوجه خاص تحت مرأى ومسمع الجانب الرسمي بأبعاده المحلية والخارجية بشقيه الإقليمي والدولي، لدرجة أصبح بموجبها لاعبا رئيسيا له شأنه في كل مجريات إدارة الشأن العام والخاص بصورة رسمية وغير رسمية. فهو على المستوى الرسمي قد نال مكانة مرموقة مباشرة لم يكن يحلم بها قط أنصاره في إدارة مرافق الدولة في الفترة الانتقالية الحالية، سواء على خلفية أوضاعه المتهرية الهشة التي أصبح عليها منذ مطلع العام 2011م جراء انكشاف كل نواياه وخططه ومواقفه المناهضة والمناوئة للمشروع المدني جملة وتفصيلا، وبالتالي سقوطه وطنيا ودينيا وأخلاقيا... وإداريا وشعبيا... أو أوضاعه السابقة للعام 2011م التي كانت تحول إلى حد كبير دون أن يحقق هذا القدر من الحضور الرسمي المباشر في المشهد الداخلي- السياسي لأسباب متعددة لا مجال لتناولها يعرفها البعض ويجهلها الكثيرين. بصورة أهلته إلى البقاء إلى حد اليوم إما كحزب سياسي يحوي كل هذه التناقضات فكرا ومشروعا وأفرادا وحالت دون انهياره وإما كقوة سياسية تمسك بإحكام مقاليد ما يسمى بتكتل المعارضة (الحاكم حاليا) من خلال إحكام الخناق على موارده وتوجهاته ومواقفه...، بصورة حالت دون انهياره إلى حد الآن حفاظا منها على مظهرها الخارجي فقط لا غير بعد ان كانت التوقعات تشير إلى تفككه وسقوطه سقوطا مدويا. وعلى المستوى غير الرسمي المباشر فهو مازال يعد نفسه حزبا معارضا فوضويا بامتياز يرفض حتى اليوم تحمله أدنى مسئولية عن كل أقواله وأفعاله، فهو يثير الفوضى العارمة في كل شيء يقع بين يديه بصورة رسمية وغير رسمية بالرغم من التهامه للعدد الأكبر من الوزارات والمناصب القيادية وما دونها في الدولة، مستندا في ذلك إلى تجارب بعض البلدان مثل إيران الذي يلعب حزب الملالى الحاكم أدوار السلطة والمعارضة معا في نفس الوقت. وبصورة غير رسمية وغير مباشرة فهو المعني والمتهم الأول بالدرجة الأساس بكل ما يحدث من دمار وخراب تعيشه البلاد بلغ حد الذروة منذ مطلع العام 2011م- هذا أولا- وينسب له الدور المحوري في فتح جبهات سياسية وعسكرية رئيسة مع العديد من التيارات الانفصالية والمناطقية والمذهبية...في طول البلاد وعرضها. ولعل التساؤل المحوري الأكثر أهمية وإلحاحا بهذا الشأن الذي يجب أن يشغل الذهن هو هل يمكن إيعاز هذا الحضور والتمدد إلى عنصري الإرادة والقدرة المستقلة التي أصبح عليها هذا التنظيم العنكبوتي الأكثر خبثا وحقدا وعدوانية بحيث تمكن بموجبها من فرض أجندته في المشهد الداخلي خارج الإرادة الداخلية والخارجية الحالية أم لا !! وإذا كان الجواب لا فإن هذا يعنى أن كل ذلك يتم ضمن نطاق حدود ما تمليه الإرادة الداخلية والخارجية السايرة باتجاه إعادة فرض الأمن والاستقرار واستكمال إرساء مداميك الدولة البحرية المدنية الحديثة المنشودة !! وإذا كان نعم فهذا أمرا أخر لا مجال لمناقشته في مقالنا هذا وهناك الكثير من الاعتبارات إلى حد كبير تدحضه شكلا ومضمونا، جراء سقوطه وطنيا ودينيا وأخلاقيا... وإداريا وشعبيا... ومن هنا يمكن لنا أن نثير العديد من التساؤلات الفرعية التي تتمحور حول حقيقة الغاية وراء فتح المجال واسعا لهذا التمدد في الحياة العامة أهي ذات بعد استراتيجي أم تكتيكي !! بالرغم من أن المشهد السياسي العربي الحالي منذ العام 2001م ومطلع العام 2011م قد أعطى أمثاله حية لهذا التمدد بشقه السني والشيعي لم تكن في الحسبان تحت إشراف ورعاية هذا إن لم نقل بتخطيط وإعداد وتنفيذ القوى الامبريالية والصهيونية بكل ما تحمله هذه العبارة من معاني ودلالات وأبعاد لها شأنها !! وكيف يمكن تفسير ذلك ضمن إطار جدلية (المتشددين والمعتدلين) التي أدارت من خلالها القوى الدولية معاركها ضد خصومها وأعدائها بمنتهى السهولة واليسر في العقدين الماضيين ونيف مستخدمة في ذلك الأجنحة المتطرفة في التيارين الشيعي والسني ثم الأجنحة المعتدلة للوصول إلى أهدافها المرسومة في إعادة هندسة الواقع الداخلي للمنطقة ولكل بلد على حدة بما يتناسب مع مخططاتها الجديدة !! وأخيرا فإني اعتقد جازما أن الإجابة على هذه التساؤلات بموضوعية سوف يضع أمامنا بعض أهم المعالم الرئيسة للإجابة عن طبيعة السر الكامن وراء تأخر تفكك وسقوط حزب الإصلاح في اليمن- كما توقعته في دراسة سابقة- الذي كان وشيكا في أعقاب اندلاع موجات الفوضى والدمار التي قادها مع شركائه عام 2011م على الرغم من انه رمى فيها بكل ثقله واحرق كل أوراقه تقريبا في مواجهة مصيرية مميتة!! كي نصل إلى وضع إجابات دقيقة حول الذي حدث ولم تراه العين المجردة ليتغير مصيره فجاءه ويصبح على ما هو عليه الآن !! وإلى متى سيظل على هذه الحال، سيما أنه أثبت عدم جديته وفاعليته في إدارة الدولة التي يتقاسم إدارتها مع شريكه مناصفة بالاستناد إلى ما يحدث من تحولات شبه جذرية في المشهد السياسي المصري الحالي وعودة الحزب الوطني الديمقراطي إلى الواجهة السياسية !! هذا إذا أخذنا في نظر الاعتبار حقيقة أخرى من حقائق التاريخ اليمني بأنه يستحيل أن يتاح المجال لحزب الإصلاح أن يدير البلاد من موقع المسئولية الأولى أو لا توجد لديه لا النية ولا القدرة على ذلك فهو حزب إقصائي وانطوائي ومتطرف إلى حد كبير، إلى جانب أن محدود الخبرة والقدرة في ذلك وهذا ما أثبتته التجارب العربية بهذا الشأن فظروف اليمن إذا ما صح لنا القول ذلك تختلف كثيرا لاعتبارات عديدة عن البلدان الأخرى من الناحية المذهبية والطائفية والدينية على الرغم مما أصبح عليه المشهد الداخلي بهذا الشأن من تنوع نسبي. أما مسألة تقاسم السلطة معه وفقا للنموذج الحالي الذي تم عليه فقد كان مكرمة ولم يكن استحقاقا فرضته ظروفا سياسية بعينها وهو برأي أعلى مستوى يمكن أن يصل إليه هذا الحزب في نضاله السياسي في العقود القادمة إذا ما صح لنا القول ذلك لان قدراته كحزب سياسي سوف تظل محدودة جدا بهذا الشأن ومرتبطة إلى حد كبير بطموحات شخصية لبعض عناصره القيادية وبأجندة قيادة التنظيم العالمي للإخوان وخياراته ومواقفه... ليس هذا فحسب لا بل ويندر أن يكون له حتى في البلدان الرائدة (وليس في اليمن) رؤية حقيقة متكاملة الأبعاد لبناء الدولة المدنية الحديثة بعد مرور أكثر من خمسون عاما من نشوء هذا التنظيم على الساحة العالمية والعربية. والله ولي التوفيق وبه نستعين 1