أن الضوابط الشرعية والقانونية للحرية ليست قيوداً أو موانع ترفض تعاطيها، وإنما هي معايير ضرورية لا بد من وجودها, مثلها مثل أي ضوابط تنظيمية, فلا يمكن الجزم بأن الحريات مطلقة كما يتوهم البعض, بل هي خاضعة لقيود وضوابط تنظمها حتى لا تتعرض لحدود حرية الذات و حرية الآخرين, ولو فرضنا جدلًا أن ثمّة إنسان اعتقد أنه حرٌ في ذاته وقرر الاعتداء عليها بالانتحار, فهل من المعقول أن يترك دونما مساعدة تمنعه من المضي في تنفيذ هذا التصرف السلبي .؟! بالطيع لا.. لأنه لو تُرك الأمر بهذه الصورة ودونما مساعدة أو مساءلة لَعُدَّ معتدٍ على ذاته, وذات من يهمه أمره, و لمجتمع الذي يعيش فيه, والنظام الذي يخضع له, ولوضع نفسه ومن ساعده تحت طائلة المساءلة القانونية , وبهذه المحاولة قد يُشجع غيره على الإقدام على مثل هذا التصرف السلبي, ولو لم يدرك وقام بالإجهاز على ذاته لعرض نفسه للعقوبة في الآخرة وعرض ذات من يهمه أمره ومجتمعه لأضرار مادية و أدبية و معنوية في الدنيا, أي لأضر من يعول وزوجه ووالديه وأخوته وجميع أسرته ومن يهمه أمره لأضرار شتى لا حصرلها ولا حدود تُحدق بها. خلاصة القول إن الضوابط الشرعية والقانونية للحرية ليست قيوداً أو موانع ترفض تعاطيها، وإنما هي معايير ضرورية لا بد أن يأخذ بها في الاعتبار كأدوات تساهم في رسم حدودها, وأن لا عبرة للحريات التي تنتهك حدود حريات الآخرين وتتعدى عليها. ولا يوجد أي نظام ساسي أو اجتماعي أو إنساني أو إداري ...يقر بالحريات إذا تعدّت حدودها لتعتدي على حدود حرية الآخرين, لأن المعايير والقيود والضوابط الواردة على مبدأ الحرية تختلف من أمة إلى أمّة ومن مجتمعٍ إلى مجتمع ومن جماعة إلى جماعة..., حيث يتم تكييفها على أسس ومبادئ إما أن تكون فكرية أو اجتماعية أوثقافية أواقتصادية أو سياسية ... أو غيرها من المبادئ التي على ضوئها توضع تلك المعايير. 1