يحكي لي احد الأصدقاء انه لم يعد يحب عمله كالسابق بالرغم من انه الوحيد الذي كان يقوم بكل مهام العمل الموكل إليه وحتى مهام زملائه ويقول ان المدير الجديد هو السبب وذلك لأنه لا يهتم إلا بورقة الحضور والانصراف وبرغم كل ما ينجزه ذلك الصديق الا ان هذا المدير لا يتجاوز عنه عند تأخره عن عمله ولو ساعة لسبب طارئ حتى اجازاته هو من يتحكم بها بينما الآخرين معه في القسم والذين ليس لهم أي انجاز في العمل ولأنهم لا يستفاد منهم يتمتعون بكل ما يريدون وفي أي وقت ويحصلون على نفس البدلات التي يحصل عليها ولذلك قرر صديقي ان يكون مثل زملائه بالرغم من انه لا يحب الا ان يعمل بإتقان وبما يحقق له الرضى النفسي عن ذاته وقبل ذلك رضى الله عنه. وللأسف مثل هؤلاء المدراء التقليديين المحطمون لكل ابداع الغير حريصين على الارتقاء بمؤسساتهم هم السبب الحقيقي وراء بطئ عجلة التنمية في بلادنا حتى انك تجد الكثير منهم متخرجين بشهادات عليا من جامعات عالمية عندما تنتهي دراستهم يرجعون لمؤسساتهم ويتكلمون عن الأفكار الجديدة التطويرية للعمل ليس لتطوير مجال عملهم ولكن حتى يصلوا للمناصب العليا ثم فجأة تجدهم لا يركزون الا على ورقة الحضور والانصراف كنوع من ابراز السيطرة على الآخرين تلك السيطرة التي تغطي مكامن النقص لديهم اما الافكار التطويرية فقد تبخرت ولم يعد لها مكان هنا. "مديروا الحضور والانصراف"مصطلح جديد في عالم الإدارة المركزية يمتلكه المدراء الغير قادرين على توزيع مهام العمل على موظفيهم هذه النوعية من المدراء وبسبب المركزية التي يعيشونها لا يعرفون طريقا لمحاسبة موظفيهم إلا بورقة الحضور والانصراف رامين بالانجازات خلف ظهورهم مما يؤثر سلبا على فئة من العاملين المبدعين ويحبطهم حتى يصبح الاكتئاب هو الصفة السائدة في هذه المؤسسات بالرغم من انها مؤسسات او جهات اشرافية ليس لديها الكثير من المراجعين مما يحتم على الموظفين الحضور في الوقت المحدد. قبل عدة سنوات قامت شركة IBM بتخصيص مبلغ 50 مليون دولار لطرح برامج توازن بين حياة الموظف وبين وظيفته ، وكان أحد هذه البرامج هو العمل بالإنجاز أو مؤشرات الأداء وليس بالحضور إلى مكاتب المؤسسة ، فلا يهم المؤسسة إن كان الموظف على مكتبه في الوقت المحدد أم لا وكل ما يهمها هو أن ينجز عمله في الوقت المحدد حتى أصبح أكثر من 40% من موظفي IBM يعملون اليوم خارج مكاتب الشركة ، سواءً من منازلهم أو من مقاهي الإنترنت أو أي مكان في الدنيا وذلك مما زاد انتاجيتها ومكاسبها بصورة غير متوقعة. لقد اصبح العالم المتقدم لا يهتم بورقة الحضور والانصراف بل اصبح عالم الإدارة الجديد يركز على كم الانجاز ومستواه مغيرين بذلك بنود تقييم الموظفين لديهم لذلك نراهم يتطورون وتتطور مؤسساتهم بسرعة ونحن لا نزال في نفس المكان مع توقف الزمن لدينا. 1