ان كانوا يريدون اصلاحا بعد الافساد وتحسين بعد التشويه وتقدما بعد التاخر فعليهم بالنفس الطويل وليعتبروا وليقرؤو ذلك التاريخ المشرف للقائد العظيم محمد صلى الله عليه وسلم فحين انتشر الظلم والاضطهاد والكفر في الارض وفسدت البشرية ايما فساد بانحرافها عن عبادة الخالق الواحد الاحد ارسله الله تعالى الى مكة ام القرى ام الوثنية والجهل والظلام في ذلك الوقت، فظل صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر عاماً يدعوهم فقط لأن يوحدوا الله - فقط ليقولوا كلمة التوحيد - عانى ما عانى وقاسى ما قاسى وحورب بأشد انواع الحرب وعاداه حتى اهل بيته وقبيلته لكنه صلى الله عليه وسلم ما يأس منهم ومن اصلاحهم حتى جاء عام الفتح، وما ادراك ما عام الفتح يوم دخول الناس في دين الله افواجاً فكانت ثمرة ذلك الصبر على الاصلاح والمجاهدة والاخلاص في سبيل اخراجهم من ظلام الجهل الى نور معرفة الله وعبادته أن اسلم الجميع وأمن معه الجميع حتى من كانوا بالامس أشد عداءاً له. إن تاريخنا الاسلامي لمليء بالمحفزات والمعجزات والدروس والعبر للجميع الصغار والكبار للحكام والمحكومين للمؤيدين والمعارضين، لكننا وللاسف لم نقرأ ذلك التاريخ ناصع البياض المكتظ بالعبر والدروس، لذا تمر علينا الاحداث مرور الكرام ولو تعاملنا معها مستندين الى تلك القيم التي ورثناها مع عانينا منها قط , واستعجال المصلح لاصلاح الناس لا يمكن أن يأتي بثمرة لجهده فمن دأب على الأنحراف واستمرء الرذيلة وشرب من كأس الفوضى والأنحلال لا يمكن أن تأتي اليه وفي جلسه واحدة تصلح ما افسد فيه طول سنوات عمره الماضية . إن الصبر على البشر وعدم الحكم عليهم من اول لقاء هو طريق الصلاح الواضح المعالم، فنهج رب البرية مع البشر والذين هم خلقه وصناعته أن (وأمر أهلك بالصلاة واصطبرعليها) فالصبر على مشقة التبليغ والاصلاح تحتاج لعقول واعية ولقلوب راضية تقدم الجهد والعرق وتبذل كل غالي ونفيس في سبيل ما تؤمن به، أن نبي من أنبياء الله الكرام ظل ألف سنة إلا خمسين عاما يدعو قومه وما أمن معه إلا قليل، فكيف بمن يحكم أو يشترك في حكم لا يصبر على قومه ويريد منهم أن يتغيروا في يوم وليلة من النقيض للنقيض , درب الاصلاح لطويل يحتاج الى اصحاب النفس الأطول وأصحاب الرؤية الأعمق لتحقيق أهدافهم ولن يتأتى لهم ذلك إلا بأخلاص النية وصلاح القلوب وابتغاء مرضاة الله عز وجل وأبتغاء ما عنده. 1