الحمد لله الكريم الأكرم ، صاحب الفضل والعطاء والنعم أحمده حمدا يليق بجلاله وعظمته ، وأصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين محمد الأمين عليه من ربه أفضل صلاة وأزكى تسليم . إن المتأمل في واقع الحياة الدنيا وزخرفها يوقن بزوالها وأنها إلى انقضاء وفناء ، فتجده قل ما يركن إلى زخرفها ، لعلمه بقصر الحياة ، فتجده مبادرا لطاعة ربه ، مستثمرا لوقته ، ذلكم هم الكيسون كما وصفهم رسول الهدى صلى الله عليه وسلم إذ يقول بأبي هو وأمي: " الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني " . ولا يغفل الكيسون عن زادهم من الحياة الدنيا وما يقوم به عيشهم ، فتجدهم في أمور حياتهم طلبا للكسب الحلال ، همهم رضا ربهم ، يتزودون ما يقوون به ضعفهم ويحفظ ماء وجههم ، والمتأمل في سير العظماء ، عظماء هذه الأمة من العلماء والدعاة والقادة ، سيجد أنهم وازنوا بين الزهد في الدنيا وطلب الآخرة ، وبين العيشة الرضية الهنية . ومن سار على هذا النهج الرباني العظيم سيجد لذة الحياة وسعادتها ، سيجد طعم الراحة واللذة الإيمانية ، مصداقا لقول الرب عز وجل " ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة " ؛ اللهم أذق قلوبنا راحة وطمأنينة وسكينة ورضا بقضائك وقدرك. 1