إ إنها مدينة الموسم واجهة جنوب المملكة البحرية , و ميناؤها القديم المطل بعبق الماضي الجميل , وعروس أحلامها الدافئة الواعدة . نعم هي كذلك برغم بعد موقعها , و صخب عيشها ، و صلافة أهلها ، و كثرة مشايخها ، وتخلف أسواقها ، و تراجع مركزها وتأثيرها ،وتواطؤ مكتب إشراف صامطة على تعليمها الابتدائي . كل تلك التناقضات في آلامها وآمالها لم تحل بينها وبين جبروت الكهرباء .. حيث قسوة الحياة بانقطاعها , وجحيم الانتظار لعودتها ، وعذاب الانطفاءات المتكررة كتطلعات أهلها في مستقبل يليق بهم في ظل نهضة علمية و تكنلوجية فريدة , و بفضل الطفرة المالية الطافحة التي تنعم بها بلادنا الحبيبة . في الموسم والموسم فقط .. تجدك مغموما وأنت تتجول في شوارعها وحاراتها وقراها المتناثرة ؛ لا صراف آلي تستند إليه في جلب نقودك المستحقة لك ، والحل أن تضرب أكباد روحك المتأججة بحمئة الغضب إلى صامطة أو الطوال , ولو أردت أن تنعم بما هو ضروري وبدهي في واقع المدن المتحضرة كالانترنت مثلا ، فإنك تذبل ألف مرة وأن تطارد زوايا منزلك لاهثا خلف أبراج شبكة قد تطل برأسها في زاوية هنا أو هناك دون أخرى . فيا للأسف لكل تلك المهازل و غيرها , فاليوم يغدو انقطاع الكهرباء بها أم المهازل ولا ريب ؛ فاض الكيل وطفح ، وأصبح المواطنون لهبا من حنق متواصل وليتهم يرمون المتسبب بكل ذلك اللهب الذي يعلك صدورهم ، إذ ثمة ضبابية مضحكة في رمي التهم و تزيين الأعذار للخروج من هذه الأزمة الخانقة .. ولا يعصى على الدولة وهي التي تدعم دول الجوار في تخطي أزماتها الكهربائية والحياتية عامة أن يكون لها موقف مشرف وعاجل في تجاوز المرحلة وإعادة المياه إلى مجاريها فقد تعثر بتعثر الكهرباء في مركز الموسم كل شيء ، و تعكر مزاج كل شيء .. وماذنب أبناء المدارس و أطفال المنازل وكبار السن وغيرهم بكل هذا العبث المرهق . و لازالت بوادر الأمل تلوح في انتشال مدينة هي إحدى بنات هذا الوطن الغالي .. وحتى لا يكون مركز الموسم "رهام " أخرى تنهشه مخالب الضياع والاستهتار فإننا ننتظر هبة جادة تقر بها العيون و تطيب بها الظنون أن ثمة حكومة خلف هذه المدينة الحبيبة تطرد عنها أوهام التغييب والإقصاء ، وأن كل مدنها ومراكزها كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر . 1