أفكر بالإنتحار ؛ بلغتُ من العُمر ثلاثون خريفاً , وينقصني الكثير حتى أمتلك سكنا يكفل لي عيشا كريماً. مازالت تكاليف الزواج حتى الآن تثقل كاهلي, ومازلتُ أنا وديوني نثقلُ كاهل أبي الذي يؤويني بيته أنا وزوجتي وصغًاري ؛ هذا ما باح لي به صديقي ذاتَ خيبة. كانَ يتحدث وهو يقلبُ نظره على الأرض خجلاً مني , وأنا أحاول أن لا تلتقي النظرات خجلاً منه وخجلاً على وطني, حاولت كذلك أن لا أبين له شفقتي عليه, لأن لا أحدا يريد من الآخرين أن يشفقوا عليه , والحق أقول أن من يُشفَق على حاله هو الوطن الذي لم يعد يملك من معاني هذه الكلمة شيء بعد أن رمى نفسه وبمساعدة المسئول من شرفة الفوضوية و أنتحر, بينما يُطَالب المواطن المسكين أن يكونَ وطنيا بامتياز, رغم تلك الغربة الحقوقية التي يعيشها في بلاده. اعترف معالي وزير الاقتصاد والتخطيط محمد الجاسر في تصريح سابق له أن 61% فقط من الأسر السعودية يملكون منازلهم بينما يقبع المتبقون تحت رحمة الإيجارات, وأعتبر معاليه أن هذه النسبة مرتفعة متجاهلا مقومات الاقتصاد السعودي, والميزانيات الضخمة التي من شأنها أن ترفع من هذه النسبة ,لو أنها صرفت بشكل يخدم المواطن, ناهيك عن الدراسة التي تم تداولها مؤخرا والتي تفيد بأن ثلث راتب الموظف السعودي يتجه للإيجارات, إن استهتار المسؤولين بهذه المشاكل التي تعتبر أولوية لتوفير الحياة الكريمة يفاقم من المشكلة فلو أنشغل معاليه بتفعيل دور وزارته وتوفير الإحصائيات والخطط التي قد تساعد في وضع حلول لكثير من المشاكل التي تجر الوطن للوراء لكان أفضل من هذا التصريح الذي لا يحتوي على لغة مسؤوله. كذلك لا ننسى دور القطاع الخاص الذي يمد يده إلى جيوب الجميع دون أدنى فائدة قد ترجى منه, ماذا عن البنوك الهاربة من الفوائد بشعارالإسلامية التي لم تشبع بعد ونحن ننتظر منها أن تتجشأ لتترك لنا شيئا نقتاتُ عليه ؟ لقد ملَ الشاب من المفردات التي يتفوه بها المسؤول في كل مناسبة وهذا لا يعنيه , كلّ ما يعني المواطن/الشاب أن يحيى حياة كريمة تنعكس إيجابيا على أدائه لواجباته , وأخيرا / عزيزي الشاب انتحارك لن يُغيّر شيئاً فأحيانا قد تهدينا أوطاننا الغربةً فيهَا . 1 abura7eel@ [email protected]