بات من المؤكد أن الثورة المصرية المجيدة ومنذ انطلاقتها؛كانت ولا تزال مصدر الهام حي لكافة الشعوب العربية الطامحة للحرية والديمقراطية، وشعلة نار أوقدتها عواطف التحرر وألهبتها طاقة الكرامة الكامنة في نفوس أبناء مصر لكن هذه الثورة وعلى الرغم من النجاح العظيم الذي حققته في بداية انطلاقتها؛ سرعان ما تحولت إلى طريدة ثمينة سعى كل القنّاصون لاصطيادها. وقد أدى الاختلاف والتنوع الايدولوجي لأبناء الثورة الشرعيين، الذين لم يمهلهم الوقت للتوحد تحت مظلة سياسية تجمعهم، , وعوامل الجاهزية والتنظيم التي يتميز بها التيار السياسي الإسلامي (الذي لحق ركب الثورة متأخرا , إضافةً لما فرضته معادلة الانتخابات الرئاسية من استحقاقات أجبرت أبناء الثورة على اختيار ومناصرة أحلى الأمرين , وإلى أن تصبح ثورة 25 يناير صيداً ثميناً استحوذ عليه التيار السياسي الإسلامي وتحديدا حركة الإخوان المسلمون. ولا شك أن هذا الصيد الثمين شكّل نجاحاً للإسلاميين عزز من شعبيتهم ووسع قواعدها في كافة الدول العربية، واكتسب الإسلاميون خارج مصر عمقاً سياسياً منحهم الصدارة في لعبة السياسة على المستوى الداخلي لكل دولة، ذلك أن مصر تتبوأ قيادة الأمة، وتعد من المطابخ السياسية المهمة في الشرق الأوسط إن لم تكن الأهم، بل أنني اجتهد بأن النشاط السياسي في مصر هو بمثابة بورصة السياسة للشرق الأوسط. ولك ؛ وما أصعب لكن...وطبقاً للقاعدة الفقهية التي تنص على أن "الغرم بالغنم" فإن تيار الإسلام السياسي الذي غنم من صيد مصر سوف يحصد بالضرورة وبنفس المستوى من زرع مصر أيضاً، وكما أن مؤشر صعود أسهم الإسلاميين ارتفع في بورصة ميدان التحرير، فإن مؤشر نزول أسهمهم قد انخفض من بورصة التحرير أيضاً، وعليه فإن تداعيات الأزمة السياسية المصرية، سوف تضفي بآثارها على مكانة وشعبية وثقة الجماهير العربية بتيار الإسلام السياسي عامة والإخوان المسلمون خاصة ليس في مصر وحسب بل في جميع الدول العربية. 1