في لحظة تلبَّس أرواحَهم شعورُ الإحباط واللاوعي, وفي لحظة كان يمكن للجسد الفكاك من صرخة صنعت في داخلهم مفردات الرفض واللاسكونْ , إنهم معتصمو الخوبة أو جازان أو قل: معتصمو الإرادة والبحث عن لحظة عودة لبيت أو قرية صنع الشيب على تقاسيمها كل البياضْ, ليحاولوا إعادة أملاك وحقوق ظنوا أنهم سيفارقونها لعودة قريبة إلا أن العودة قطفت من أرواحهم وردة الأمل وقاموس الحلم. ليس الأمر معجزة ولا قضية مستحيلة الحل متى وجد التخطيط , ومتى تفتقت حلول جدية تسعى لتحقيق كل المطالب وترميم الكسور التي خلفها هذا النزوح الطويل , فالمزارع التي أضحت خضاراً اعشوشبَ للعصافير يجب أن تُستثمر من قِبَل أهاليها , والقرى التي باتت أطلالا لم تعد هناك قيمة لوحدتها الموحشة فهي اشتاقت لساكنيها كما اشتاقوا إليها , وعلى إمارة المنطقة أن تواكب تطلعات الأهالي المكلومين برسم ملامح العودة المشروعة لا بصناعة مبررات تدينها أكثر وأكثر. وحين تصبح قرية على بعد مسافة شاسعة من الحدود غريبة عن أهلها دون سبب مقنع, سوى الخوف على المواطنين من ضربة مفاجئة, أو سلوك فردي فالقضية تسير في طريق التعقيد لا طريق المصالحة والحل , فثمة أفكار لا تعرف طريقا للحوار سوى ممارسة ما تؤمن به حتى وإن كان خاطئا ولا مبرر له. إن تواصل الاعتصام يمثل حيْرةً كما يمثل رفضا لكل الأطروحات , وهو الأمر الذي يتطلب تغييرا في احتواء القضية وفي التعامل معها, فيجب السرعة في ترميم انكسارات الأهالي وإعطائهم حقوق العودة أو اللاعودة خاصة وأن مفردات المعتصمين تتوسح سوادا لن يزول إلا بحلول تتمثل في التعويضات التي وعدوا بها , وفي الوضوح والشفافية والإجابات القاطعة لكل استفساراتهم دون انتظار أو تأخير.