أخذ الصراع في سوريا , منعطفاً جديداُ . بعد أن قتل النظام شعبه , فلا يخلو منزل من جريح أو فقيد أو معاق . ودمرت آلة النظام العسكرية قرى وبلدات ومدن بأكملها , فأعادت إلى أذهاننا الحروب اليوغوسلافية في تسعينيات القرن الماضي . بعد أن استخدم النظام الدبابات في أنحاء من العاصمة دمشق , متذرعاً بإيوائها إرهابيين . وحقيقةً, جرت إشتباكات عنيفة , سبّبت للسكان السًّنّة ويلات , وهجّرت غالبيتهم . وانحازت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى الرأي المؤيد للقول بأن سوريا تشهد حرباً أهلية , ولا بد من مراعاة إتفاقية جنيف بشأن جرائم الحرب . ولم تستبعد صحيفة ( ترود ) أن تتدخل الدول الكبرى عسكرياً في هذا البلد لأن أمنها الوطني أضحى في خطر جرّاء الأزمة الشرق أوسطية . وإذا ما اندلعت حرب كبرى فإنها ستكون مشابهة في توقيتها المتزامن مع ما تشهده لندن من ألعاب أولمبية مع ما شهدته الحرب الجورجية في غزوها لأوسيتيا الجنوبية أثناء الألعاب الأولمبية في الصين , فتتم الحرب أثناء انشغال العالم بالساحات الرياضية . ألمحلل والخبير الإستراتيجي في مقدونيا ( أليكسندر سربينوفسكي ) قارن بين ما يجري من حرب أهلية في سوريا والذي جرى بين جمهوريات يوغوسلافيا المُفكّكة بداية تسعينيات القرن الماضي ,واعتبر بأن المشاهد متطابقة لفاتورة حساب واحدة . فالطائفة العلوية الحاكمة في سوريا شبيهة إلى حد كبير بالأرثوذكسية الصربية التي حكمت يوغوسلافيا الفيدرالية . لكن المحلل الصربي ميروسلاف لازانسكي , تذكر قصف سراييفو وهو يشاهد قصف دمشق , فأشار إلى ما شهدته الحدود الألمانية البولندية في عام 1939 أثناء الحرب العالمية الثانية من حوادث , ولذا فقد استبعد تدخلاً أمريكياً في سوريا بعد خيبتها في حربها على الإرهاب في العراق وأفغانستان ورغم تدخلها اللوجستي إلى جانب الغرب الأوروبي في ليبيا . فقد تدخل الحرب بسهولة , ولكن خروجها منها لن يكون كذلك . أما حاجي يانيف فيرى في وجود الأسطول الروسي تعقيداً للأزمة , إذ أن الولاياتالمتحدة والغرب تريد مهاجمة إيران بعد سقوط النظام السوري ورحيل القواعد الروسية من طرطوس . ما جرى من مجزرة دموية في مخيم اليرموك إذن , كان مُتوقعاً في فترة الألعاب الأولمبية التي تشهدها العاصمة البريطانية التي تتجه الأنظار إليها , بعيدة عن مجريات الأحداث في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا , حيث سبق وأن أشرت في أكثر من مقال ومنذ شباط الماضي أن النظام السوري يريد استخدام هؤلاء الفلسطينيين كجزء من شبيحته . فقتل الرافضون منهم لأوامره وقتل الشعب السوري ومناصروه الفلسطينيون في ثورته أتباعاً للنظام وخاصة زمرة أحمد جبريل الذي ستكون طهران آخر محطات تصفية عصابته بعد سقوط الطاغية بشار وكذلك جيش التحرير الفلسطيني وحركة فتح الإنتفاضة وطلائع حرب التحرير الشعبية ( قوات الصاعقة ) والمجموعات المنشقة عن جبهة التحرير الفلسطينية وجبهة النضال الشعبي وكلها منطوية في إطار جبهة الإنقاذ الفلسطينية . لقد اتحد الأفرقاء في حركة فتح وحركة المقاومة الإسلامية حماس في التنديد بهذه المجزرة الوحشية , التي تُعتبر امتداداً لمجازر النظام الطائفي بحق الفلسطينيين في مخيماتهم بلبنان واغتياله لرموزهم الوطنية أمثال سعد صايل وكمال حسين غناجة رحمهما الله .وهذا دليل على أن القضية الوطنية الفلسطينية ستتخلص قريباً من زمر مرتزقة جرّتها إلى مستنقع قذر للنظام الطاغية . بل وجعلت من نفسها جسراً للمد الصفوي الذي بات عدوّاً شرساً للوطن العربي برمته من محيطه إلى خليجه . إن فصائل جبهة الإنقاذ الفلسطينية كانت على لائحة الإرهاب العالمي , ومارست هي الإرهاب بحق أعضائها أنفسهم فأقدمت على تصفية العديد منهم لمجرد مخالفتهم الرأي . وذاقوا الأمرّين لانتمائهم لهذه الفصائل التي ما كانت إلا مجموعات تعمل لتصفية حسابات لصالح النظام السوري , الذي واظب على استخدامها كأوراق لابتزاز الأنظمة الأخرى . وها هو النظام يلصق بالشعب السوري البطل تهمة الإرهاب والإنتساب لفكر القاعدة , ولأن النظام حريص على أمن الكيان الصهيوني والولاياتالمتحدة فقد تطوع مع حلفائه الصفويين والروس لإبادة القاعدة في بلاده. 1