تربعت الصحافة الورقية على سدة العالم لعقود ولكن هذه السيادة ربما هي الآن في طريقها للزوال, فقد ولى ذلك الزمن الذي كان الجميع ينتظر فيه صدور الصحف الورقية حتى يتمكن من الاطلاع على الشأن المحلي والدولي. فقد لعبت الثورة المعلوماتية الحديثة دورا في سحب البساط من تحت أقدام الصحافة الورقية وستسهم مستقبلا في وأد هذا النمط التقليدي من الإعلام. يستطيع المرء أن يدرك بأن المرحلة القادمة في ظل التسارع في الأحداث المحلية والعالمية والقائم على التطور التكنولوجي والنمو البشري الذي عمّ العالم وأدى إلى إفراز جملة من التفاعلات والحراك المتسارع على المستويين المحلي والعالمي مما يتطلب إعلاما مغايرا يستطيع مسايرة الاحداث ويجعل القارئ على اطلاع دائم ومستمر بآخر المستجدات على الساحة وإلمام بكل التفاصيل اليومية لهذا العالم المتنامي والمتتالي الوتيرة والإيقاع. ولن يستطيع القيام بهذا الدور سوى الإعلام الإلكتروني والذي سيكون مستقبلا بديلا موائما للصحافة الورقية التقليدية. حيث سيتمكن الإعلام الإلكتروني من تزويد المتلقي بأحدث الأخبار والمستجدات بكبسة زر بسيطة على هاتفه المحمول ولم يعد مطالبا بالذهاب إلى المتاجر ومراكز التسوق والتنقل من مركز لآخر بحثا عن الصحيفة التي نفذت من هذا المتجر والتي ربما سيجدها في متجر آخر. كمأن تلك الأحداث التي وقعت في العالم بعد صدور الطبعات الورقية والتي لن تتمكن الصحيفة من مواكبتها بعد الانتهاء من اصدار طبعاتها الرئيسية, ستتمكن الصحيفة الالكترونية المتجددة على مدار الساعة من رصد هذه الاحداث وتزويد المتلقي بهافي زمن قياسي. بيد أن الأهم هو أن هذه الصحافة الإلكترونية ينبغي أن تحقق مجموعة من الاشتراطات الرئيسية كي تتبوأ على سدة الاعلام ولعل من أهمها: تميز الفريق الذي يشرف على عملية تحريرها بالتأهيل والمهنية العالية, بالإضافة إلى وجود شريحة كافية من المراسلين والمتعاونين الذي سيسهمون في تغذية الصحيفة بآخر وأحدث المستجدات الإخبارية وعلى جميع الأصعدة الداخلية والخارجية, ابتداء من السياسية ومرورا بالثقافة وانتهاء بالرياضة. كما ينبغي أن يأخذ بعين الاعتبار عملية اختيار الكتاب الرئيسيين سواء كتاب أعمدة أو رأي عام حيث أنه من الأساسي تميزهم بالمهنية والثقافة الجيدة والرؤية العميقة لتداعيات وأبعاد ما وراء الطرح. أعتقد بأن العقود القائمة ستشهد كما أسلفت انطفاء ثم خفوت سينتهي بموت الصحافة الورقية وستصبح الصحافة الإلكترونية هي سيدة المشهد الاعلامي وربما سيشهد المستقبل القادم في ظل الثورة التكنولوجية وتحول العالم إلى قرية كونية مصغرة تغيير كامل في منظومة الإعلام العالمي بكل فئاته سواء المقروء أو المسموع أو المشاهد فهذا العالم المتسارع الوتيرة يجعل من الصعوبة بمكان استقراء المستقبل واستيعاب المشهد ككيان متكامل في حين أنه لا يترك لنا سوى محاولات للرصد والتخيل في ضوء توظيف المعطيات الراهنة وأعتقد جادا بأن المستقبل سيحفل بالمزيد. 1 1