منذ نعومة أظافري كان والدي حفظه الله وأطال عمره يردد على مسامعي ذاك البيت الشهير للشاعر بشار بن برد وهو : لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي فهذا البيت من الشعرينطبق على من توجه له النصائح وتلفت نظره لأمور كثيرة ولكنه لا يأخذ بها ولا يكترث ، ويجعلك تشعر أنك كمن ( ينفخ في قربه مقطوعة أو مشقوقة كما نقول بالعامية ) وهذا فعلاً مؤسف ، يحدث معنا في حياتنا اليومية ربما مع شريك حياة أو مع ولد من أولادنا ، مع صديق أو صديقة أو حتى مع زملاء في العمل .. وما يثير في النفس التساؤل هو لماذا لا يأخذ الآخر بنصيحتك أو ما تلفت إنتباهه له خوفاً عليه وحرصاً على مصلحته ؟ وإن حدث وأخذ بها يكون ذالك بعد فوات الأوان وبعد أن (طارت الطيور بأرزاقها ) ليفوت على نفسه فرصة قد تكون من ذهب ، والذهب هنا ليس بالضرورة أن يكون أمر مادي ، بل قد يكون شيء له مردود معنوي إيجابي على حياته العامة أو الخاصة ، لنأخذ بنصائح الغير ممن نثق بأنهم يتمنون الخير لنا ولديهم رغبة أكيدة أن نكون في أفضل حال ومن أبرزهم الأب والأم وشريك الحياة والصديق الصدوق المخلص الذي لا يرجوا مصلحة من وراء علاقته بنا ... مازلت أذكر قصة حدثت لأحدى الصديقات منذ زمن كانت والدتها دائماً تحذرها من الأكل والشرب وهي في وضع الوقوف وتستشهد بأن الرسول عليه الصلاة والسلام قد نهى عن ذلك وهي لا تهتم وتكرر ما تفعله في كل مرة حتى أصيبت بقرحة شديدة في المعدة مازالت تعاني منها وباتت تلازمها مدى الحياة حيث أكتشف العلم الحديث أن الأكل والشرب في وضع الوقوف يؤثر على جدار المعدة ويصيبه بالترقق مع الوقت ليؤدي إلى القرحة المعدية .. هذا مثال من عدة أمثلة تتكرر في حياتنا عزيزي القاريء وأنا أكيدة أنك ربما استحضرت الكثير منها وأنت تقرأ مقالي هذا .. فلنبدأ بالتفكير في ما نسمعه ليس بالضرورة أن ننفذ إن لم نقتنع ، لكن يكفي أن نعيد النظر به ربما نجد ما يفيدنا ، إذاً لنستمع إلى من يهمه أمرنا ولا نتجاهله أبداً..على الأقل من باب احترام الرأي الآخر . حفظك الله يا والدي فأنت دائماً تردد على مسامعي الحكم والدرر.. بقلم : حنان أبوحيمد