ما زالت ظاهرة الرغبة في التقدم للترشيح لانتخابات عضوية المجالس البلدية في بعض المناطق تثير الضحك الاستغراب والتعجب في آن واحد!! و تدعو للتساؤل عن كوننا نملك الجاهزية الكافية والاستعداد الفكري والثقافي لخوض مثل هذه التجارب التي تعكس جانب مهم في حياة المجتمعات المتحضرة وهي حرية الانتخاب وحرية والترشيح والتصويت؟!! في السنوات الماضية وعندما كنت مهووساً بمشاهدة الأفلام المصرية كانت تأتي مشاهد حملة الانتخابات وأشاهد صور المرشحين في جنبات الطرق والميادين و(الزنقات) في الأحياء فكنت أحلم وأتمنى أن يكون لدينا مثل هذه الانتخابات وهذا العمل الجماعي، وأسأل نفسي متى سأسير وراء مرشحي؟وكيف سنعمل على تكوين فريق عمل مشترك يقف بكل صدق خلف مرشحنا؟أين سنوزع النشرات والصفحات التي تبرز خطة وبرنامج مرشحي؟ ومتى سأهتف:إنتخبوا فلان! وحبيبكم مين؟وبتحبوا مين؟! ولكن عندما بدأ تشريع الانتخابات البلدية ووضعت قوانينه وآلياته في بلدنا حصل هناك نوع من الفرحة الممزوجة بنوع من التخوف والاستفهام، ومن ثم الصدمة!!فمن المسلم به أن الشخص القيادي لابد وأن تتوفر فيه أدنى مقومات ومعايير القيادة.لكن هنا نتفاجأ بالكيفية التي تم بها قبول طلب الترشيح والمعايير التي تراها اللجان المنظمة للانتخابات في المتقدم لقبول طلبه؟! هل تعتمد الرغبة الشخصية للمتقدم والتي وجدت لها أرضية خصبة كي تنبت فيها هذه الطموحات والرغبات والتي تفتقد لأبرز مقومات القبول والريادة وتمثيل الآخرين والتحدث بالنيابة عنهم،طبعاً لو وضعنا جانب الأمانة والتقوى والخوف من الله جانباً لوجدنا أن بعض المتقدمين للترشيح يفتقدون لأبجديات الإدارة الذاتية فما بالك بإدارة رغبات وطموحات وشؤون الغير؟!! إن عضو المجلس البلدي عندما ينجح في الفوز بالانتخابات والحصول على أحد المقاعد فإنه مطلوب منه القيام بأمور كثيرة يجب عليه تحقيقها لمن أعطاه ومنحه صوته، وبالتالي خدمة مجتمعه، فما الذي يمكن أن يقدمه لي عضو المجلس البلدي؟! و رجعنا للإصدار الأول من النسخة التجريبية للمجلس البلدي في محافظة ضمد،والتي أستطيع أن طلق عليها (نسخة فاشلة) لوجدنا-على الرغم من اجتهاد أعضائه-إلا أن دور المجلس كان شبه معدوم ،وقليل وربما منزوع الصلاحية،بل اقتصر الأمر على الشكل الصوري وأخذ التواقيع اللازمة لإعطاء بعض المشاريع الصبغة الشرعية،و مع احترامي وتقديري الشديدين لأعضائه،لم يكن لهم حضور سوى في مقرهم في مبنى البلدية،ولم تكن تمنح لهم تلك الصلاحيات-كما وصف عضو-على متابعة ما ينجز والوقوف عليه في الواقع.لدرجة أن عضو من الأعضاء أبدى استغرابه الشديد عندما طلب منه التوقيع على ميزانية مشروع حديقة متكاملة المرافق والخدمات قد تم تنفيذها الانتعاء منها في جنوب محافظة ضمد بتكلفة مالية وقدرها،وعندما ذهب لرؤية هذه الحديقة لم يجد سوى الكلاب والحيوانات السائبة تمرح في أرض ترابية قفراء وبها بعض ألعاب الأطفال القديمة والمهترئة!! من المفارقات المضحكة والتي لا زلت أذكرها هي الأعداد الكبيرة للمرشحين لدرجة انه كان هناك نوع من الإحراج لنا،حيث تجد من يطلب منك منحه صوتك،بدون أن يكون له برنامج إنتخابي واضح ومحدد المعالم والأهداف!! يبقى السؤال:هل كل من تقدم بطلب الترشيح يتم قبول طلبه مباشرة أم أن هناك معايير فنية يجب توفرها في المرشح قبل قبول طلبه وهل هناك مواصفات لقبول الترشيح بخلاف المواصفات الشكلية، كالجنسية والعمر والشهادة..إلخ. بمعنى آخر هل الباب مفتوح لكل من هب ودبَ؟!! في الحقيقة لا أعلم ما الدوافع التي تدفع الشخص للسباق على تقديم نفسه كمرشح على الرغم من أن المجتمع المحيط به يرى بوضوح وبكامل الرؤية انه غير جدير أو مؤهل للترشيح نظراً للضعف البين والجلي في جوانب متعددة من هذه الشخصية المرشحة،سواء كان ضعف في الحضور المؤثر والفعال أو القبول أو ضعف في الثقافة التي يرتكز عليها المرشح. لذلك أرى أن يتم وضع آليات ومعايير وأسس لنشر ثقافة الترشيح وتنظيم التقديم لطلب الترشيح من قبل الوزارات المعنية،بحيث لا يتم قبول طلب الترشيح إلا بعد توفر هذه المعايير. 1