نظرت إلى مايقوم به حراس المدارس من أعمال فوجدت أنهم يحملون على عواتقهم مسؤولية لايمكن الاستهانة بها أو النظر إليها بأنها مجرد وظيفة ،وعرفت ذلك عندما سألت حارس مدرسة للبنين في قريتنا عن الأعمال التي يقوم بها فأجابني قائلا: يبدأ عملي مع نهاية اليوم الدراسي وينتهي عند بدايته في اليوم الذي يليه وفي هذه الفترة أكون مسؤولا مسؤولية تامة عن كل شئ داخل سور المدرسة وأثناء إجابته لاحظت عليه علامات التعب والإرهاق لقاء ما كلف به من مسؤولية ، فتبادر إلى ذهني أن أسأله هل أنت مرتاح في عملك ؟ فأجابني قائلا:وبماذا ستفيدني إن كنت مرتاحا أم لا ؟ فأنت لن تستطيع تغيير شئ في واقع عملنا، فقلت: لعلي أجد لك طريقة أوصل بها معاناتك للمسؤولين ، فقاطعني ضاحكا ! فسألته ما المضحك في كلامي ؟ فقال : لقد سبق وأن شرحنا ظروف عملنا للمسؤولين بإدارة التربية والتعليم فكان الرد هو قولهم: "إذا كنت لا ترغب في هذه الوظيفة فغيرك ألاف " بعد ذلك سألته مما تعاني في وظيفتك ؟ فأجاب قائلا : تبدأ معاناتي منذ نهاية الدوام إلى بدايته في اليوم التالي فقاطعته قائلا: ألم تقل قبل قليل أن هذا هو عملك ؟ فقال: بلى، ولكن هل سمعت بموظف يعمل قريبا من منزله ولكن لا يشاهد أبناءه ؟ تعجبت من سؤاله !! وأجبته : لا لم أسمع به ، فقال: أنا هو ذلك الموظف فطلبت منه شرح ذلك ، فقال : يبدأ عملي عندما يعود أبنائي من المدرسة وينتهي عندما يذهبون إليها في صباح اليوم التالي وفي هذه الحالة لا ألتقي بهم ولا أستطيع متابعتهم ورعايتهم وسألته ألا يكفيك يومي الخميس والجمعة ؟ فأجاب بقوله: نحن لا نتمتع بالإجازة الاسبوعيه ، لأن عملي يمتد من نهاية دوام يوم الأربعاء إلى يوم السبت ، ففهمت من كلامه أن أبناءه لا يجدون فرصة للجلوس معه والخروج برفقته كبقية أبناء الموظفين في الوظائف الأخرى ، فقلت: تكفيك إجازات الأعياد والعطل الصيفية ، فقال: ياعزيزي أنا لا أتمتع بأي اجازه فدوامي مستمر حتى في الإجازات وقد حرم أولادي من السفر والتنزه بسبب طبيعة عملي ثم سكت قليلا وقال: أمر السفر والتنزه ليس مهما إنما الأهم من ذلك هو حين يتعب أحد أبنائي ولا أستطيع الذهاب به إلى المستشفى وترك عملي بالإضافة إلى أن ما أتقاضاه من مرتب لا يكفينا أنا وأسرتي في تسيير أمورنا المعيشية فراتبي لم يصل إلى ألفي ريال . وقبل أن يستأذنني في الذهاب سمعت صوت تنهيدته التي أتبعها بقوله: "خليها على ربك" وبعد عودتي إلى المنزل سألت نفسي ألم تتنبه وزارة التربية والتعليم والإدارات التابعة لها لمثل هذه المعاناة وإيجاد الحلول المناسبة لها كتكليف حارسين لكل مبنى ، والنظر إلى ما يتقاضونه من رواتب لأن الأجر مقابل العمل في مثل هذه الوظائف يعتبر زهيدا جدا لأنه يقضي أكثر من ثلتي يومه في مقر عمله !!!