تدور هذه الأيام سجالات من قطاع عريض من المناكفين من أصحاب المنهج "الإسلامي الأصولي" لتوجه الإعلام العربي والسعودي بوجه خاص سواء بالصحف أو الإعلام المرئي والمسموع : بأن السيطرة المطلقة على تلك الوسائل الإعلامية هي بيد من تشربوا الثقافة الغربية , والذين يتبنون توجهات غريبة على مجتمعاتنا ,ويضيفون بأن هنالك حصرية إدارة تلك الأجهوة وبخاصة الحكومية , أو التي يمتلكها أصحاب المال والأعمال والنفوذ , فتقوم بتهميش مشاركة أصحاب الفكر المعارض لتوجهاتهم, وبذلك يعمدون لأحادية الرأي ويدسون بتلك الوسائل الإعلامية أفكارهم التغريبية , والليبرالية ويفردون برامج وصفحات للفكر الوافد على المجتمع , مما جعل معظم المتلقين يتأقلمون مع تلك الأفكار معها وأضحوا يعدونها أمراً طبيعيا , وهم لذلك يضيقون ذرعا بمن ينتقدهم, وبد أوا بكثير من المواقع الأ ليكترونية يشنون حملة شعواء على استحواذ "الليبراليين والعلمانيين" على وسائل الإعلام من القاعدة إلى القمة , وشواهد كثيرة يستدلون بها مثل الهجوم على الدكتور سعد الشتري مما كان السبب في إقصائه من منصبه ضاربين صفحا عن ألا أحد من كبار العلماء أيده في انتقاداته المعروفة التي جاءت بعيد افتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا . ويضاف لذلك ضيقهم بتأييد بعض الأقلام الصحفية , والمؤسسات الإعلامية لمن أسموهم أصحاب الفتاوى الشاذة بموضوع حكم الأغاني وكشف الوجه بمسألة "خلافية" الحجاب, وقيادة المرأة للسيارة . كما عدوا مؤخرا انتخاب المملكة لعضوية مجلس المرأة العالمي التابع للأمم المتحدة ؛ الذي استحقته المملكة لتحسن وضع المرأة في السعودية إذ يعدون نشر ذلك ابتهاجًا بإلحاق المرأة السعودية شيئًا فشيئا لتكون كما المرأة الغربية , دون أن يتبينوا المعايير التي اعتمدت لانتخاب المملكة عضوا بالمجلس الأممي للمرأة, غير مدركين أن دولاً عربية وإسلامية لاتكاد تفرق فيها مظهر المرأة وانخراطها بكل مجالات العمل وأن الاختلاط فيها لايختلف عما بدول الغرب ومع ذلك لم تنتخب تلك الدول لمجلس المرأة و بمجرد نشر تلك الأخبار أشاروا إلى أن ذلك حُلُمٌ راود الإعلاميين لأنه يتماشى مع توجهاتهم الغربية وميولهم الليبرالية التي يسعون من خلالها لأدلجة المرأة المسلمة وتذويبها. لذلك يهاحمون تلك الصحف ووصمهم لبعضها بغربية الفكر وتسميتهم لإحدى الصحف ب "الوثن" بدلا عن اسمها المعروف. يذكرنا ذلك بما كانوا يطلقونه على إحدى الصحف الشهيرة وواسعة الانتشار ب " خضراء الدمن" ويلمزون الكثير من الكتاب المخضرمين وكبار الإعلاميين "بالعلمانيين والتغريبيين "الذين يحاربون الفكر الإسلامي بصحفهم التي لعقود طويلة وهم المهيمنون عليها ويصفون قنوات فضائية إخبارية ب"العبرية" وبأنها تخضع لتوجيهات أجنبية, بينما تجدهم يمجدون قناة إخبارية أخرى كونها تبث يرامج وتنقل أخبارا عمن يسمونهم " بالمجاهدين"وبأنها لاتنحُ في صياغة أخبارها منحى الإعلام الغربي والصهيوني, متناسين أن تلك القناة هي القناة الوحيدة الناطقة بالعربية والتي يظهر ببرامجها ونشرات أخبارها خازطة"إسرائيل " بدلا عن فلسطين , ويتغاضون عما كانت تبثه من رسائل لزعماء تنظيم القاعدة التي هاجموا عبرها قيادة وعلماء المملكة . في الوقت عينه لايتذكرون أو أنهم لايريدون أن يتذكروا أنه بحرب تحرير الكويت نفس الصحافيين والكتاب أشادوا ودافعوا عن علماء المملكة الأفاضل الذين أجازو الاستعانة (بالأجنبي لردع الظالم) وفق مؤتمر مكة الشهير الذي ترأسه الشيخ عبد العزيز بن باز وأصدر فتوى عبر فيه عن جواز ذلك. بينما تنادَى البعض بحرمة ذلك وملأوا الصحف ضجيجاً , ووزعوا "الكاسيتات" وهذا لا يغيب إلا عمن لم يعش تلك الفترة وزيادة على ذلك تسنموا المنابر بخطب الجمعة للتشكيك بعلماء أفاضل وسموهم علماء السلطة. بينما من يصفهم ذلك الفريق دائم الهجوم على الإعلاميين حيث يعدونهم المسيطرون على وسائل الإعلام وبالغربيين والعلمانيين والليبراليين متناسين أنهم ساندوا فتوى مجمع الفقه الإسلامي وقراراته التي صدرت برئاسة مفتي المملكة يرحمه الله الشيخ عبد العزيز بن باز, ولم يتماهوامع الإعلام الذي هاجم المملكة وعلمائها بينما وقفوا ضد من ناهض الفتوى ,ظاهرة تستحق التأمل . وبرز فريق آخر لسان حاله الصمت عند النوازل , دون أن يقف بقلمه أ ولسانه للدفاع عن عرض مشايخنا وعلمائنا . لابد من تبني أسلوب منهجي في النقد لايعتمد على الا ستنسا بية بل على الحوار,ثم أن من حال ثقافتهم غربية وتعليمهم بدول الغرب منذ يفاعتهم بالطبع تأثروا بالإعلام الغربي في المنهج التقريري لما يناقشون من أمور, فبدلا عن تجريحهم الأولى حوارهم ومحاورتهم لاالتنديد بهم ,والتعريض بهم وقدحهم, ثم نريد منهم أن يسمعوا ويعوا مانوجهه لهم, وأن يتغير فكرهم بين عشية وضحاها. الطامة الكبرى أن كل من يختلف معنا بمسألة خلافية نبادرلنعته بالتبعية والانبطاحية وغيرها من الألفاظ التي لاتليق من يدعي عفة اللسان. ومما استجد تباري أصحاب ذلك التوجه بتضخيم ماتم تناقله عن حلقات تحقيظ القرآن الكريم بمنطقة مكةالمكرمة واستخدام لغة ساخنة وهجومية على سمو الأمير خالد الفيصل عبر مابثته إحدى القنوات الخاصة للدكتور محسن العواجي , فبدون أن نناقش فِكره ونفند مواطن خلل يقع فيها من يسمونهم بالمهيمنين على أجهزة الإعلام بحكم ما اختزله من عقود من الزمن وما تشربه البعض من الفكر الغربي فبحكم أنه مسلم لانستطيع أن نخرجه عن دائرة الإسلام لذلك بدلا من لغة التصادم والننافر نتوجه إليه بلغة الحوار وفق ما ينادي بها ديننا الإسلامي , بالمجادلة بالحسنى وبالرفق , وبأن كلا الفريقين مواطنون ومسلمون ولكلٍ أخطاؤه ولاينبغي جلد ذواتنا والتنابز بالألقاب التي نهى عنها ديننا الحنيف.