كلما وقعت عينيَ على خارطة مملكتنا الحبيبة؛ تعجبت من تنوعها وثرائها, فهي بمثابة لوحة فنية زاهية الألوان متشعبة العلاقات واسعة الثراء, أو هي ( قارة) ذات مساحة ممتدة ومقدرات هائلة؛ لا دولة محدودة القدرات والإمكانات؛ وحمدت الله على أن قيّض لهذه البقعة المباركة هؤلاء العظماء المخلصين من أبنائها؛ فمنذ وضع الملك المؤسس رحمه الله لبنة التوحيد وإلى اليوم، والمملكة تخطو خطوات عمرانية وتنموية واسعة، جعلتها من أسرع بقاع الأرض نموا. وجاء عصر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله؛ ليشعل منارات التنمية في كل مكان، ويوفر الإمكانات، ويدعم المشروعات، ويدعو أبناء هذا الوطن للتكاتف للنهوض به من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه. غير أن ذراع الحضارة والنماء لا يصفق بيد واحدة؛ وقطاع المال والأعمال والتجارة والاقتصاد لا يزال يرمي بثقله في مناطقه الكبرى ومدنه الرئيسة، وهذا حقه - لا شك في ذلك- ، لكنه حق متكئ على أرائك الكسل. فمن حق هذا الوطن _ أيضاً_ أن يدعم هذا القطاع جهود المملكة في ضخ استثماراته في كافة أرجاء البلاد. ومن حقه على نفسه أن يعرف أن كنوز هذا الوطن الغالي لا تختص برقعة دون أخرى؛ ومن يسبق إلى مناجمه البعيدة يحظى من خيراته بما لن يستطيعه اللاحقون. وحكومتنا الرشيدة لا تفتأ تذلل الصعاب وتزيل العثرات وتوفر الإمكانات ما استطاعت إلى ذلك سبيلا. ولا شك في أن عوامل الجذب والفرص الاستثمارية المتاحة في كل منطقة هي التي تحدد نوعية الحراك الاقتصادي والتجاري؛ غير أن صناعة الفرص في الفكر الاقتصادي الحديث هي الاستثمار الحقيقي والداعم الأكبر؛ فالنجاحات الاقتصادية الكبرى في العالم لم تأت لأصحابها على أطباق من فضة، بل جاءت من خلال عصف العقول وبلورة الأفكار لخلق فرص جادة, تستثمر الإمكانات المتاحة, وتتجاوز الصعاب المتوقعة، لتجني ثمارها اليانعة . ويبقى طموح أبناء هذا الوطن الغالي والرغبة في تفجير طاقات الإنسان المخلص لخدمة هذا الوطن، هو ( حصان الرهان) في سبيل إنشاء تنمية كبرى تحتضن جميع مناطق مملكة الإنسانية مثلما أراد لها ملك الإنسانية. بقلم: تركي بن محمد بن ناصر بن عبد العزيز آل سعود