شكل الحادي عشر من سبتمبر أيلول 2001 م نقطة مفصلية بتغييره لمجرى العالم . حيث انتقل بنا من دائرة الحروب التقليدية المتمثلة في رفع السلاح إلى حرب من نوع آخر أشد ضراوة . فانتقلنا من معارك القتال إلى معاقل الفكر لنبحث عن بعض الأماكن التي يسلكها أصحاب الفكر المتطرف لتحقيق مآربهم السياسية المرتبطة بدعوة دينية . الحديث عن هؤلاء المتطرفين يقودنا إلى التعرف على بعض الجوانب النفسية المعقدة لديهم والتي تجعلهم ينتقلون من وسط الاعتدال إلى بيئة التشدد أو لنقل التخلف الديني . وقد اعتبر هؤلاء ميدان التربية والتعليم بيئة خصبة لتمرير هذه الأفكار وتحقيقها . فسكتت المؤسسات الحكومية والمدنية عن تلك الممارسات المغلوطة زمناً لأنهم ضللوا المجتمع وجعلوا ممن ينتقدهم أو يحاول أن يكشف جوانبهم ونواياهم السيئة شخصاً متطاولاً على الدين فصرخوا من على المنابر بخطب رنانة تدمع العين وتفطر القلب ألماً واستطاعوا تكوين فكرٍ إقصائيٍ لكل من يشعرون بأنه سيشكل خطراً عليهم . بذلت الحكومة جهوداً عظيمة لاستعادة توازن المجتمع وأدركت مدى فاعلية هذه الجماعات في وسط التربية والتعليم فبدأت بعزل هؤلاء عن الميدان التربوي ونقلهم إلى ممارسة العمل الإداري . وفي الحقيقة فإن هذا الحل مؤقتٌ ولا يشكل إلا إيجاداً لمكان آخر لاستكمال الأدوار القذرة التي يلعبونها تحت غطاء الدين . يشهد التعليم حالياً نقلة نوعية لمحاربة التطرف تتمثل في تغيير المناهج وإدخال العنصر النسائي لقيادة دفة الأمور الخاصة بتعليم البنات فلم يرضَ بذلك أولئك وبدؤوا يشحذون الهمم لإيقاف هذا التغيير وتكوين ما يعرف بلجنة المناصحة لتهييج الرأي العام على سياسة تتبعها الحكومة للوصول بنا إلى بر الأمان بعد أن عانينا من جيل تورا بورا وقندهار . ربما لم تقم أي جامعة أو مدرسة بنفس الخطوة التي قامت بها جامعة جازان لمواجهة الفكر المتطرف بعزلها لمؤلفات السيد قطب وبعض الكتب التي تروج لأهداف جماعة الأخوان المسلمون . فكم من جامعة أو مدرسة مازالت تحتفظ بتلك المؤلفات ؟ عندها لا بد من السير قدماً نحو التجديد والتطوير لنضمن سلامة عقول أبنائنا من تلوث الفكر خاصة وأن موسم المراكز الصيفية قد أعلن عن قدومه واستعداد بعض المتطرفين للدخول إلى عقول الناشئة من خلالها ليتم تدريبهم على التهريج والنشيد وغرس بعض المبادئ التي تشكل خطراً على الشباب . صالح بن إسماعيل القيسي الرياض [email protected]