لقد ظهر اليوم من اقتحم مقام الفتيا، وهو ليس منها في قليل ولا كثير ، صدرت منه آراء جريئة، وتناقضات عجيبة، وفتاوى غريبة، خالفت السائد المعهود، وليس لها أصول شرعية واضحة من الكتاب ، أو ثابتة من السنة، بل هي اجتهادات فاسدة، وتأويلات خاطئة، قامت على أقوال ضعيفة ، وحجج واهية. يظن بعضهم أنه العالم الفاهم لكل شيء ، والمجتهد البارع فليس قبله شيء؛ يبيح الاختلاط، يجيز الغناء، يقلل من صلاة الجماعة، يبيح حل السحر بالسحر، يجيز إرضاع الرجل الكبير....، وهو بفتاواه الشاذة ضال مضل؛ خالف المنهج، وعارض النصوص، وشذ عن الجماعة ، وفي الحديث الشريف: ( من أفتى بغير علم كان إثمه على من أفتاه ) ، رواه أبو داوود. إن القول على الله تعالى بغير علم؛ من أعظم المحرمات ،وأشنع التعديات ، إذ فيه إساءة لأهل العلم ، وجرح لمكانة العلماء، وفيه تشويش وتشويه، وإحداث بلبلة، وإشعال فتنة، وفيه إساءة لصورة الإسلام، وسمعة المسلمين، وفيه منفعة للأعداء؛ في تمرير مخططاتهم، وتحقيق أهدافهم. هل يعلم المفتي (خليفة الرسول صلى الله عليه وسلم) ؛ أن أحدهم قد يستفتي بهدف المراء أو الجدال، أو بهدف اختبار المفتي ،أو تعجيزه ،أو نصب شراك لإيقاعه، أو لتيسير هوى في نفسه، ومعالجة شأنه كما يريد ، والمصيبة أن بعض الناس يبحث عن المفتي المتعالم ، يسألونه ، ويصدقون كلامه، ويعملون بتوجيهاته، (وإن من أشراط الساعة أن نلتمس العلم عند الأصاغر) الألباني في \"السلسلة الصحيحة\" 2 / 316. موضوع الفتيا موضع حساس وشائك ودقيق وعميق؛ له شروط محددة، وللمفتي صفات معتبرة، وهناك فرق بين حافظ القرآن الكريم ، وإمام المسجد ،والداعية، وبين العالم الرباني الفقيه المتمكن من العلوم الإسلامية،والمؤهل للفتاوى الشرعية، لهذا نتمنى تفعيل دور الجهة المخولة بالفتوى في بلادنا ، وزيادة أعضاءها، وتوسيع مناشطها ، فإن في ذلك خير وسلامة لديننا، وأمن وأمان في حياتنا، (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) (النحل:43). د.عبدالله سافر الغامدي جده