الدوقماطيون الجدد ما زلت أذكر يوماً رفعنا أصواتنا مكبرين الله أكبر أثناء طابور الصباح بأمر من مديرنا آنذاك قبل خمسة عشر عاماً ابتهاجاً بتحرير أرض إسلامية كما نسمع عنها . كنا وقتها في بدايات المرحلة المتوسطة ولم نتصور يوماً أن من فرحنا لأجلهم سيديرون البوصلة من الشرق إلى الغرب ليجعلوا من أرض هذا الوطن مسرحاً لعملياتهم الجهادية . لم تكن فلسفة تورا بورا سوى Dogmatism تتسم بها أي فرقة أو مذهب أو جماعة زاعمة أنها تمتلك الحقيقة المطلقة غير مقرة بأن لديها مجموعة من الأخطاء التي يجب تعديلها . تزداد خطورة هذه الفلسفة عندما تنطلق من معتقدات دينية . وقد ظهرت هذه السمة في الأفق أثناء هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 م واتسعت الرقعة لتصل إلى ما نراه اليوم من قتل للأبرياء وترويع للآمنين . شهد الدوقماطيون الجدد وأقصد بهم الجهاديين صعوداً على الساحة السياسية وسيطرت على معتقداتهم الباطنية لغة القتل والاغتيال وحمل السلاح وعدم فتح أي قناة للحوار وازدراء كل رأي مخالف وتخوينه مما يقودنا إلى استنتاج واضح عن مدى الانغلاق الفكري الذي يتمتعون به مما أحدث لدى هؤلاء جموداً في الفكر وثباتاً على رأي ديني مخالف لتعاليم الإسلام . وإلا فأي منطق يقبل مثل هذه الأفعال السيئة والتي أصبحت في نظرهم أفعالاً حسنة ؟ هناك علاقة وطيدة بين الدوقماطيقية وبين التفكير بعقول قديمة وبالتالي نجد أن علماء أصول الفقه الإسلامي يراعون في تفكيرهم ظروف العصر وما موقف الإمام الشافعي الذي اختلف مذهبه الفقهي في مصر عن مذهبه القديم في العراق مراعاة لظروف الزمان والمكان إلا دليلاً على رفض هذا المبدأ ، ولكن مثل أولئك الجهاديين قد أساؤوا لهذا الدين العظيم لارتباط معتقداتهم بسلطة رجالٍ كأسامة بن لادن وغيره ولم تكن مؤسسةً على براهين وأدلة ثابتة . الصراع بين التيارات قائم منذ أن وجد الإنسان ولكنها قد تتجه إلى المنطقة الحمراء والممنوعة عندما يغيب الحوار الهادئ وتنعدم الأرض المشتركة له . وقد بذلت الدولة ممثلة في لجنة المناصحة المنبثقة عن وزارة الداخلية جهوداً عظيمة في تصحيح مسار هؤلاء المنحرفين ولكن أنى لعقل قد طغت عليه لغة القتل ولقلب يستلذ به ولأنف تشم رائحة الدم أن تستجيب ؟ ولم يكن أمامنا سوى أن نُحصن أبناءنا بفكر تنويري مقابل من شأنه أن ينقلنا من مناطق الظل إلى النور ومن ضمائر الاستتار إى الظهور . بقلم / صالح بن إسماعيل القيسي الرياض [email protected]