أيّ قرار استراتيجي يرتبط بمصالح الناس ويؤثر على حياتهم، لابد أن يصدر بناءً على دراسة علمية مستفيضة وفق حقائق ميدانية، مدعومة ببيانات وأرقام وإحصاءات حديثة تستند بالدرجة الأولى إلى الواقع وتستشرف الأفضل في أفق المستقبل، مع اعتبار الحاجة الملحّة والضرورية الدافعة لهذا القرار، خاصةً في شؤون القطاع الخدمي الذي تعمل فيه المؤسسات الحكومية أو الجهات الأهلية، لأنه مرتبط بحاجات الناس الحياتية، وتحركاتهم اليومية، ورفاهيتهم المنشودة، و(الخطوط الجوية العربية السعودية) من أهم المؤسسات العاملة في منظومة القطاع الخدمي في مجال النقل العام، لذا فقراراتها مهمة وتداعياتها مؤثرة، كونها الناقل الجوي الوطني الوحيد على مستوى المملكة. هذه المؤسسة العريقة أوقفت رحلاتها بين مطار الملك فهد بالمنطقة الشرقية ومطار منطقة حائل قبل أكثر من عام ونصف العام في ظل توجُّه جديد قام على تقاسم الأجواء بين (الخطوط السعودية) و(طيران ناس) و(طيران سما)، حيث تولّت (السعودية) الرحلات بين جدة وحائل، كما تولّت (ناس) الرحلات بين الرياض وحائل، أما (سما) فكان نصيبها الرحلات بين المنطقة الشرقية وحائل، غير أنّ هذا التقاسم وبالذات (الرحلات بين الرياض حائل) أضرّ بشكل كبير على منطقة حائل، لأنّ مجموع الرحلات تقلّصت من (4 أو 3) رحلات يومياً إلى رحلتين وأحياناً رحلة واحدة، كون هذه المنطقة الغالية من بلادنا، تعتمد بالدرجة الأولى على هذه الرحلات، خاصةً ما يتعلق ب(متعلقات الصحة والتجارة والتعليم الجامعي والشؤون الوزارية) للمواطنين بالنسبة لمدينة الرياض، إلاّ أنّ المسئولين في الخطوط السعودية قد أعادوا رحلاتها - لاحقاً - على خط (الرياض حائل) إلى جانب (طيران ناس). هذه التجربة الجوية المريرة التي عاشتها حائل عدّة شهور تتكرّر اليوم، ولكن في أجواء أخرى. فقبل أيام أوقف (طيران سما) رحلاته المعتادة بين المنطقة الشرقية وحائل وربما الإقليم الشمالي، فوقع المواطنون في هاتين المنطقتين في وضعية سيئة، من حيث السفر كونهم صاروا بين خيارين كلاهما مُر ومعاناة، إما أن يسافروا بطريقة الرحلات المتتابعة (الشرقيةالرياض - حائل) أو العكس وهذا تستغرق وقتاً وجهداً، فضلاً عن مشاكل الحجوزات وتعارضها في حال التأخير بينها، أو أن يسافروا عن طريق خط آخر عبر مطار القصيم، أيضاً بطريقة رحلات متتابعة (الشرقية - القصيم - حائل)، وهنا تضاف معاناة أخرى، فعلى المسافرين جواً أن يسافروا براً بين حائل والقصيم لمسافة (250 كيلو متراً). وعليه فإنّ على (الخطوط السعودية) وهي الناقل الوطني والأسطول الأكبر والمسئول الأول عن سفر المواطنين جواً خصوصاً بعد انسحاب (طيران سما)، عليها أن تحل هذه المشكلة عاجلاً، وأن يستشعر المسئولين التنفيذيين فيها واقع التداعيات السلبية لانقطاع الرحلات الجوية بين منطقة كبيرة وحيوية كالمنطقة الشرقية، ومنطقة متنامية وكبيرة بحجم حائل، التي تشكل مركزاً مهماً في الشمال السعودي، كما أن ارتباط الموطنين وشؤونهم بين منطقتي (الشرقية وحائل) لا يقل عن المناطق الأخرى.