يحظى مدفع رمضان بمكانة كبيرة في نفوس المسلمين، إذ لا يزال الوسيلة المفضلة لإعلان حلول موعدي الإفطار والإمساك، بعد أن لعبت المصادفة وحدها دوراً كبيراً في ظهور هذه الوسيلة التي أصبحت على مرّ السنين من أهم الطقوس الرمضانية. وعقب الإعلان أول من أمس عن رؤية هلال الشهر الكريم بدأ مدفع رمضان مهمات عمله بإطلاق سبعة قذائف ابتهاجاً بقدوم الشهر الكريم، وسمعت المنطقة المحيطة ب«جبل المدافع» في مكةالمكرمة صدى الطلقات السبع التي تردد صداها لمسافة 10 كيلو مترات، إذ وضع المدفع على قاعدة حديدية تتوسطها عجلات لتحريك ماسورة من الصلب فوق قمة «جبل المدافع» الذي يشرف على الأحياء الأخرى، ويقابل المسجد الحرام الذي تقوم كاميراته التلفزيونية بتصويره أثناء «الرمي». وأوضح الوكيل عريف مستور صالح النهاري المسؤول عن مدفع رمضان «أن العادة جرت على إطلاق سبع قذائف دفعة واحدة عقب الإعلان عن رؤية هلال رمضان، لكن يختلف الوضع بعد ذلك، إذ تم تزويد المدفع ب150 ذخيرة صوتية موزعة على أيام الشهر الكريم بواقع أربع قذائف كل يوم، إذ يطلق عند الإفطار قذيفة واحدة، وقذيفة في الساعة الثانية صباحاً، وقذيفتين في الرابعة والنصف فجراً. أما عند رؤية هلال شوال ودخول العيد فيتم إطلاق ما بين ست إلى ثماني قذائف، وفي يوم العيد نطلق بقية الذخائر الصوتية ابتهاجاً بحلوله». وأكد النهاري أن القذائف التي تستخدم في المدفع عبارة عن كتلة من البارود تعطي صوتاً يسمعه السكان في معظم الأحياء. ولفت إلى أن طاقم الإطلاق يتكون من ثلاثة أشخاص يتناوبون العمل على المدفع خلال الشهر المبارك، ويتوخون الحذر واتباع إجراءات الأمن والسلامة حتى لا تقع حوادث فيقوم الضارب الآن بضرب المدفع باستخدام ذراع كبيرة طويلة يوصل بها شعلة البارود، ثم يتراجع بعدها مسافة لا تقل عن أربعة أمتار. كما يمنع الضارب اقتراب أي شخص من منطقة عمله، خصوصاً الأطفال الذين يقودهم فضولهم لمشاهدة إطلاق القذائف يومياً. ويعد المدفع الحالي الوحيد في مكةالمكرمة بعد أن كان هناك نحو ثلاثة مدافع مساعدة له في كل من «جبل شماس» و«جبل النواري» و«الجموم»، لكنها توقفت عن العمل بعد انتشار وسائل الإعلام. وحتى وقت قريب، كان يتم تجهيز المدفع الذي يخضع للتهيئة والتنظيف ليصبح على أتم الاستعداد قبل دخول الشهر الكريم بيومين، ويستمر عمله على مدى الشهر، وبنهاية يوم العيد يخلد مدفع رمضان إلى النوم في مقر إدارة المهمات والواجبات الخاصة في شرطة العاصمة المقدسة ولا يعود للجبل إلا قبل بداية شهر رمضان بيومين من كل عام. يذكر أن العاصمة المصرية (القاهرة) هي أول مدينة ينطلق فيها مدفع رمضان، فعند غروب أول يوم من رمضان عام 865ه أراد السلطان المملوكي خشقدم أن يجرب مدفعاً جديداً وصل إليه. وصادف إطلاق المدفع وقت المغرب، فظن الناس أن السلطان تعمد إطلاق المدفع لتنبيه الصائمين إلى أن موعد الإفطار قد حان، فخرجت جموع الأهالي إلى مقر الحكم تشكر السلطان على هذه البدعة الحسنة التي استحدثها، وعندما رأى السلطان سرورهم قرر المضي في إطلاق المدفع كل يوم إيذاناً بالإفطار ثم أضاف بعد ذلك مدفعي السحور والإمساك.