تركت خريجات جامعيات شهاداتهن في الخزانات، وشمَّرن عن سواعدهن بالعمل «قهوجيات» في حفلات الزفاف، حيث أوجدن لأنفسهن مصدر دخل يغنيهن عن انتظار وظيفة لا تأتي، ويتقاضين مبلغاً من مائة إلى مائتي ريال عن كل ليلة، ولم يضعن في اعتبارهن النظرة الدونية التي قد يتعرضن لها من المجتمع، فيقدمن الشاي والقهوة والمرطبات للحاضرات في الحفل بكل جد ونشاط. 42 مضيفة وذكرت مسؤولة الضيافة ريما أحمد «أم جود» من القطيف، أنها شغلت لديها 42 فتاة في وظيفة «قهوجية»، وأغلبهن خريجات جامعيات، عجزن عن الحصول عن وظيفة، فمنهن من درست التمريض، وأخرى الطب، ومن مختلف التخصصات، ومنهن مازلن في الجامعة، يدرسن صباحاً، ويعملن ليلاً في الحفلات، وأشارت إلى أن الضيافة تتطلب فتيات قادرات على تحمُّل المسؤولية، ويمتلكن طاقة حركية، وأوضحت أنها لا تقبل توظيف أي فتاة سعودية أقل من 17 عاماً، دون موافقة ولي أمرها. وبينت أن وقت خروج القهوجيات من منازلهن يحدده مكان قاعة الزفاف، فلو كان في الدمام أو الخبر يخرجن من الساعة الرابعة مساء، أما لو كان في القطيف فإن المدة الزمنية تتأخر لقرب المسافة. قهوة فرنسية وتركية وأوضحت أم جود أن »القهوجيات» يباشرن بالتجهيز للضيافة عند الساعة السادسة والنصف داخل القاعة، ثم يبدأن بتقديمها عن الساعة التاسعة، وتتنوع الضيافة بين القهوة العربية، والفرنسية، والتركية، إضافة إلى أنواع متعددة من الحلويات، وغالباً تعود الفتيات إلى منازلهن عند الساعة الواحدة ليلاً. وأوضحت أن رواتبهن تكون بحسب عملهن، فيتقاضين 150 عند تقديم الشاي والقهوة فقط، ومائتين عند تقديم الشاي والقهوة والحلا، مشيرة إلى أنها تحفزهن دائماً من خلال إعطائهن مكافآت سنوية. وأكدت أن «القهوجيات» يتعرضن لبعض المضايقات من الحاضرات في الحفل، سواء عبر نظرات التعالي، أو الاستحقار، أو حتى بكلمات جارحة، فبعض الحاضرات يأمرن القهوجية بجمع الأوساخ من على الطاولة بكل تكبر، مبينة أن أهل الحفل أحياناً يرفضون أن تتشارك قهوجيتان في حمل سلة الحلويات الضخمة، حتى إن وصل وزنها أحياناً عشرة كيلوجرامات. يتحمَّلن المضايقات فيما أشارت مسؤولة الضيافة في مجمع قاعات شهاب في القطيف سكينة حسن «أم خالد»، إلى إقبال كثير من الفتيات العاطلات على العمل في وظيفة «القهوجية»، وأوضحت أنهن يتحملن كثيراً من المضايقات من أجل المحافظة على الوظيفة، ورواتبهن تبلغ مائة ريال عن كل ليلة، وقد تزيد إلى 150 ريالاً عند إتيان القهوجية مبكرة إلى القاعة. مواصلات للقهوجيات وذكرت مسؤولة الضيافة، أم فرات، أن راتب «القهوجية» يحدده نوع الحفل، ما بين زفاف، أو جلوات، أو حفل خطوبة، موضحة أن الراتب لا يزيد على 175 ريالاً، وأقله مائة ريال، منوهة إلى أنها توفر مواصلات للقهوجيات، كما أنها تعطي من تستقلّ سيارة خاصة بها قيمة المواصلات، وأشارت إلى أن «القهوجية» تتعرض لكثير من الحرج، خاصة عندما تجد أصدقاءها أو جيرانها حاضرات في الحفل. نظرات وهمز ولمز ترى «القهوجية» ناهد محمد (25 عاماً) -حاصلة على شهادة جامعية-، أن المجتمع مازال ينظر بدونية للعاملات في هذا المجال، وقالت «نسمع خلال مرورنا بين الحاضرات همساً ولمزاً، ولكننا تعبنا من انتظار وظيفة تليق بشهادتنا الجامعية، فهي لا تأتي، لذا نُجبَر على العمل في ضيافة حفلات الزفاف أفضل من الجلوس بلا أي شيء». وقالت «القهوجية» أشواق العلي (22 عاماً) -طالبة تمريض-، إن العمل في الضيافة لا يقتصر على الفتيات الضعيفات الدخل، فهي تستمع خلال تأديتها هذا العمل، وتجده اجتماعياً، مبينة أن المجتمع بدأ يتقبل فكرة عمل الفتيات في مثل هذه المجالات، وأضافت «هناك قلة من الناس يحاولون استفزاز المضيفات في الحفل، بنظراتهن، ولكنهن لا يؤثرن في رغبتنا في العمل، ولا يقل حماسنا أبداً». رفضت وظائف وبيّنت «القهوجية» في قاعة «أفراح القلعة»، نجاح عبدالله (48 عاماً) -حاصلة على شهادة جامعية-، أنها تعمل في مجال الضيافة منذ عشر سنوات، مشيرة إلى أنها لا تخرج من القاعة إلا بعد خروج المعازيم، مبينة أن هناك وظائف كثيرة أتيحت لها، ولكنها رفضتها، وفضلت العمل في الضيافة، كون القاعة التي تعمل فيها قريبة من منزلها، كما أن مديرها متعاون معها، مشيرة إلى أنها تتقاضى مائتي ريال عن كل ليلة، ولا تتعدى المناسبات في الأسبوع خمس ليالٍ. فيما أوضحت القهوجية زينب حسين (19 عاماً) أن أصحاب الحفل يُخطِئون أحياناً في تقدير عدد المعازيم، ووضحت «بعد أن نحضر إلى الحفل نجد كماً هائلاً من المعازيم، وهو ما يشكل ضغطاً علينا، خاصة وأن الراتب قليل وغير مشجع»، وأضافت أنها تحب عملها كثيراً، لذا استمرت فيه ولم تبحث عن غيره. فيما ذكر صاحب قاعة أفراح القطيف، يوسف العلوي، أنه يختار الفتيات السعوديات الضعيفات الدخل لوظيفة «القهوجية»، ليستطعن تحسين دخلهن المادي ولو قليلاً، ويقاضيهن مائتي ريال عن كل ليلة.