لم يدر في خلد هذه الأرملة المسنة التي تعيش في "بيت شعر" متواضع وسط صحراء النفود، أنها ستكون يوما ما محط أنظار وسائل الإعلام وفلاشات المصورين، بعد أن تعرض قطيع أغنامها لحادث صدم من بطل رالي حائل الدولي السابق، والمشارك في النسخة الحالية يزيد الراجحي، لينفق عدد منها مباشرة في إحدى ليالي التدريب على مسار الرالي الحالي. أرملة فهيد فاتن الشمري صاحبة القطيع بعد وفاة زوجها قبل شهر من الحادثة، تعيش وسط الصحراء مع ابنها، وتربي هذا القطيع من الماشية لأنه مصدر رزقهم الوحيد، إلا أن هذا لم يشكل أهمية كبيرة عندما قال لها يزيد الراجحي مواسيا: "العوض عندي يا خالة"، لترد عليه بثقة المعتاد: "لو هو عشاك يا وليدي مالحق قدرك"، بلهجتها البدوية الخالصة وفطرتها البسيطة رأت أن هذه الأغنام الميتة ليست إلا جزءا من حق الضيف على مضيفه! أرملة الصحراء المسنة أدهشتنا بثقة ردها، عندما سألناها عن عدد القطيع الذي نفق بعد حادثة الدهس، حين قالت "سبع رخال يا وليدي.. ما يوفن فرحتنا بضيفنا يوم جا"، وتعني لمن لم يفهم لهجتها، هي سبعة من الغنم لكنها لا توازي فرحتنا بقدوم ضيف، لتؤكد على طبيعة أبناء الصحراء المجبولة على الكرم وخدمة الضيف بغض النظر عن الحالة السائدة اقتصاديا واجتماعيا. ويؤكد عدد ممن حضروا الحادثة أن يزيد الراجحي كان قد مر بيت الشعر الخاص بالأرملة وابنها نهارا، حيث تناول القهوة لديهم عصرا، إلا أنه في طريق الإياب ليلا لم يتنبه لقطيع الغنم النائم بجوار أشجار صحراء النفود وهو يسير بسيارته بسرعة تصل إلى ال 200 كيلومترا في الساعة.