أكد إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ – في خطبة الجمعة – أن المخرج اليقيني من الفتن التي تمر بها الأمة الإسلامية وتسلط الأعداء عليها بالرجوع إلى الله وتحقيقِ التقوَى سِرًّا وجَهرًا، والإنابةِ لجَنابه ليلًا ونهارًا، والتفرُّغ لعظَمَتِه، والانكِسار له في السرَّاء والضرَّاء. وقال: في مثلِ هذا الزمنِ الذي عمَّت فيه الفِتَن ، وكثُرَت المصاعب، وتسلَّط فيه الأعداءُ على أمة الإسلام، مما تولَّدَ عليه آلامٌ مُتنوِّعةٌ، وكُروبٌ مُختلِفةٌ؛ فإن الحاجةَ ماسَّةٌ إلى تذكيرِ المُسلمين بالمخارِجِ اليقينيَّة من كل همٍّ , والأسبابِ الحقيقيَّة للخلاصِ مِن كل الكُروبِ والخُطُوبِ. وأضاف: هذه الحياةُ الفانِيةُ مليئةٌ بالمصاعِب والمتاعِب ،قال تعالى : ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ وإن الأصلَ العظيمَ للخُروجِ من مصاعِبِ هذه الحياةِ، والخلاص مِن هُمومِها يكمُنُ في تحقيقِ التقوَى لله سِرًّا وجَهرًا، والرُّجوعِ إليه، والإنابةِ لجَنابه ليلًا ونهارًا، والتفرُّغ لعظَمَتِه، والانكِسار له في السرَّاء والضرَّاء، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ وقال جل وعلا: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾. وقال : مِن أسبابِ تفريجِ الكُروبِ وإزالة الهُموم: أن الإنسانَ متى استبطَأَ الفرَجَ، وأيِسَ منه بعد كثرة دُعائِه وتضرُّعه، ولم يظهَر عليه أثرُ الإجابة، فعليه أن يرجِعَ إلى نفسِه باللائِمَةِ، ويُحدِثُ عند ذلك توبةً صادِقةً، وأوبَةً إلى الله مُخلِصةً، وانكِسارًا للمولَى، واعتِرافًا له بأنه أهلٌ لما نزَلَ مِن البلاء، وأنه ليس بأهلٍ لما نزل به من البلاء , وأنه ليس بأهل لإجابةِ الدعاءِ، وإنما يرجُو رحمةَ ربِّه، ويطلُبُ عفوَه ، فعندها تسرِي إليه حينئذٍ إجابةُ الدعاء، وتفريجُ الكُرب، فإنه تعالى عند المُنكسِرَة قلوبُهم مِن أجلِه، كما قرَّره عُلماءُ السلَف . وأوصى خطيب الحرم بالمحافظة على الذكر في كل وقتٍ وحينٍ، فخيراتُه مُتنوِّعة، وأفضالُه مُتعدِّدة ، وقال : كن أيها المُسلم مُطمئِنَّ القلبِ، مُرتاحَ البالِ، مُستيقِنًا بالفرَجِ والمخرَج، فكُلُّ ما في الكَون خاضِعٌ لأمرِ الله، وجميعُ ما في هذا العالَم مهما عظُمَت قوَّتُها، وتناهَت شِدَّتُها، فهي خاضِعةٌ لقُوَّةِ الله وأمرِه، وقضائِه وقدَرِه، فكلُّ قويٍّ ضعيفٌ في جَنبِ الله جلَّ وعلا ، أشغِل نفسَك عبدَ الله بسائِرِ الطاعات، وأنواع الخيرات، والزَم ذِكرَه بأصنافِ الأذكار المُتنوِّعة في السرَّاء والضرَّاء، في الشدَّة والرَّخاء. ففيما صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن سرَّه أن يستَجِيبَ اللهُ له عند الشدائِدِ والكُرَب، فليُكثِر الدعاءَ في الرَّخاء» ، ففعل الخير الكثير , والفضل الكبير فما طابت الدنيا إلا بذكر الله , ولا طابت الآخرة إلا بعفوه ، ولا طابت الجنة إلا برؤيته , وكن لاهِجًا بلا حولَ ولا قوةَ إلا بالله"، فهي مُعِينةٌ على تحمُّل الأثقالِ، وتكابُدِ الأهوال، وبها يُنالُ رفيعُ الأحوال. والله المُستعان، وعليه التُّكلان، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله العظيم.