تترقب الجماهير الرياضية حول العالم «المونديال» كل أربعة أعوام، ومع دخوله مراحله الأخيرة في الأدوار المتقدمة تعيش أجواءه، سواءً شاركت منتخبات بلادها أم لم تشارك، فالحدث العالمي يعد وجبة رياضية دسمة لعشاق المستديرة. الاحتراف سبب تراجع كرتنا وسالم الأميز حاليا منتخبنا السعودي يشارك في مونديال روسيا للمرة الخامسة في تاريخه، أي أنه يمتلك أربع مشاركات سابقة، بداية من كأس العالم في أميركا 94م، مروراً بمونديالي فرنسا 98م وكوريا الجنوبية واليابان 2002م، وانتهاءً بآخر المشاركات قبل هذه المشاركة في ألمانيا 2006م، ومن دون شك حملت تلك المشاركات الأربع ذكريات لا تُنسى، سعيدة كانت أو غير ذلك، كما أن هنالك ثمّة لاعبين شاركوا في «المونديال» لا يمكن أن يسقطوا من ذاكرة المشجع السعودي. «الرياض» اليوم تقلب أوراق ذكريات هؤلاء النجوم، في حوار يتعلق بمشاركة «الصقور الخضر» في كأس العالم، وضيف اليوم هو صالح الداود: * الحضور في كأس العالم حلم كل لاعب.. عندما كنت لاعبا وتأهل منتخبنا للمونديال، ماذا فعلت كلاعب لتحقيق الحلم والحضور في كأس العالم؟ * الحضور في كأس العالم أقصى طموح للاعب كرة القدم، وهو أكبر إنجاز يمكن أن يصل إليه اللاعب في حياته الكروية، واقعياً كلاعبين سعوديين كانت المشاركة في المونديال بمنزلة الحلم؛ لأننا لم نتأهل، وفِي محطات عدة مرت بها الكرة السعودية، نتذكر عندما تأهل منتخب الإمارات الشقيق إلى كأس العالم 1990م، كان منتخبنا منافسا له بشكل كبير جداً، لكن منتخب الإمارات ظفر بفرصة التأهل، لا يوجد وصف معبر أكثر من أن تقول إن هذا شرف وفخر أن تمثل بلادك في هذا الكرنفال العالمي، وأن يخلد اسمك في التاريخ، لذلك هو أكبر إنجاز يمكن أن يحققه اللاعب، أي لاعب يحقق إنجازات محلية أو قارية، هذا الشعور لا يوازي شيء أمام شعور المشاركة في المونديال. * كيف تصف مشاعرك عندما استدعيت لتمثيل منتخبنا في كأس العالم؟ * كنت من ضمن اللاعبين الذين شاركوا في مرحلة التصفيات، وكان اسمي من الأسماء الأساسية في كل المعسكرات، ولكن بعد التأهل تعرضت لإصابة في نهائي كأس الملك في جدة، وهذه الإصابة كادت تحرمني من المشاركة في المونديال، ولكن قدرة الله سبحانه وتعالى ثم إصرار المدرب كاندينيو على حضوري في المرحلة النهائية، وسمح لي بأن أغادر إلى الولاياتالمتحدة الأميركية للعلاج، ثم طلب مني العودة للانضمام إلى المعسكر النهائي، لذلك الفضل يعود له بعد الله في مشاركتي، علاوة على أن فريق الشباب كان يمر بحالة مميزة، لذلك اختار المدرب عدداً كبيراً من الفريق وأنا من ضمنهم. * من جميع النواحي، ما الفرق بين اللعب في بطولات قارية والمشاركة في كأس العالم؟ حدثنا عن أجواء المونديال؟ الأجواء مختلفة والثقافات متنوعة، تتعرف على شخصيات متنوعة، تعيش أجواء مختلفة داخل الملعب، كنت فقط تشاهدها في شاشة التلفزيون، لذلك هو حدث مختلف جداً في حياة اللاعب. * موقف في المونديال ما زلت تتذكره؟ * هناك كثير من الأمور الجديدة علينا كلاعبين، نشارك لأول مرة في المونديال، أهمها وأبرزها في التقليعات التي يقوم بها الجمهور، ومنها اللبس الغريب وغيره، لن أنسى اللبس الذي كان يرتديه جمهور بلجيكا ونحن في الحافلة متجهين لمواجهة منتخبهم في الجولة الثالثة من دور المجموعات، إضافة إلى أنه من النادر أن نشاهد المباراة في شاشات الملعب، وفِي مونديال أمريكا كان هذا الشيء جديدا علينا، كنّا نشاهد المباراة من مقاعد البدلاء. * وذكرى حزينة لا تنساها؟ * في مباراة السويد كان الطقس حارا جداً، لذلك وضعنا أملا كبيرة في أن يساعدنا الجو على مجاراة منتخب السويد وقد نتغلب عليه، خاصة بعد أن كسرنا هيبة المونديال، وانتصرنا على منتخب أفريقي وآخر أوروبي، كما أننا أحرجنا هولندا، لذلك ارتفع مستوى طموحنا في الفوز على السويد، لكن مدربنا قام ببعض التبديلات قبل المباراة، وهذه التبديلات أشعرتنا بالخسارة قبل المباراة. * الجميع يتفق على أن مشاركتنا الأولى في مونديال أمريكا 94 هي الأفضل، هل نستطيع تكرارها؟ وكيف؟ * فيما يخص منتخب 94م، لا بد أن أوضح بعض النقاط، ومنها أنه لم يكن هناك تصور معين عن المنتخب؛ كونه جديدا على المونديال، إضافة إلى أن اللاعبين المحظورين في القائمة كانوا نجوما لديهم من الخبرة الشيء الكثير، وتم تطعيمهم ببعض اللاعبين الشباب، عناصر الخبرة كانت متمثلة في ماجد عبدالله ومحمد عبدالجواد وعبدالله صالح، إضافة إلى الجيل الذي بعدهم، مثل خالد مساعد وفؤاد أنور وفهد الهريفي وطلال الجبرين وسعيد العويران ومحمد الدعيع، من الصعب جداً أن يمر جيل متكامل مثل ذلك الجيل؛ لأنه متمرس، ويمتلك البنية الجسمانية الجيدة، وكان ذلك الجيل شغوفا بتحقيق إنجاز للوطن ليتم تكريمه من قبل الشعب السعودي، وليفخر به السعوديون، عناصر الخبرة كانت توقد الحماس في اللاعبين الشبان، وكان لهم دور كبير جداً في تقديم دفعة معنوية كبيرة، إضافة إلى أن لاعبي المنتخب لم يكونوا ضامنين للخانة، وكان التنافس بينهم كبيرا جداً، واللاعب عندما يجد فرصة سيتمسك بها، وهذا ما حدث مع حمزة إدريس وعبدالله سليمان، وأخيراً أعرج على نقطة الطقس الذي ساعدنا كثيراً في المشاركة، لكنه لم يكن عنصرا أساسيا ولكن كان عاملا مساهما. * ما أفضل مباراة لمنتخبنا طوال مشاركاته الخمس في كأس العالم؟ * وجهة نظري مباراة هولندا هي الأفضل رغم الخسارة، بالإمكان العودة لها والتأكد من المستوى الكبير الذي قدمناه، أحرجنا المنتخب الهولندي الذي كان يمتلك كثيرا من النجوم من برشلونة وأعرق أندية أوروبا، هي مباراة للتاريخ، أتمنى من النشء القادم أن يتابعوا المباراة عدة مرات، ويتعلموا الجرأة والحماس الذي كان في منتخبنا، إضافة إلى القتالية. * لو طلبنا منك اختيار تشكيلة لمنتخبنا من الأسماء التي لعبت في كأس العالم خلال النسخ الخمس، فمن ستختار؟ * منتخب 94م ليس لديه بديل آخر. * لماذا غبنا في آخر نسختين عن المشاركة في كأس العالم؟ * واقعنا في الدوري السعودي، إن لم يكن لديك استقرار ودوري قوي فلا يمكن أن تظهر لديك صفوة في المنتخب، إضافة إلى الأمور الاحترافية التي تسببت في تراجع كبير للكرة السعودية نتيجة احتراف ورقي لم يطبق على الأقل بشكل جزئي، بل دمر المنافسة بين اللاعبين، وأفقدهم الحوافز التي ترتبط بأدائهم، الدوري لم ينتج لنا نجوما، إضافة إلى معاناتنا على مستوى البنية الجسمانية. * لو كنت مكان المدرب الأرجنتيني بيتزي، فمن اللاعب الذي كنت ستختاره من خارج القائمة الأخيرة المعلنة؟ * أتفق مع بيتزي في اختياراته كثيراً، ولكني أرى أن المنتخب كان بحاجة إلى الكابتن عبدالعزيز الجبرين، خصوصاً في مباراة روسيا، كونه لاعبا في مركز حساس، ولديه بنية جسمانية مميزة، لذلك تمنيت حضوره في القائمة، لذلك عانينا في مباراة روسيا من عدم وجود محور دفاعي قوي. * مَن مِن اللاعبين السعوديين لفت الأنظار، وربما يجد فرصة الاحتراف خارجياً بعد مونديال روسيا؟ * اللاعب الذي من الممكن أن يحترف في أوروبا هو الكابتن سالم الدوسري، وقد يحترف في الفرق الأوروبية المتوسطة، أما باقي اللاعبين فمع احترامي لا يوجد منهم من يستطيع الاحتراف هناك، سالم الدوسري قد نراه مبدعا في الدوري السويسري أو الروماني، وسينجح في تجربته الاحترافية. * كيف تعلق على احتراف عدد من لاعبي منتخبنا في إسبانيا؟ * خطوة أولى فتحت المجال للاعبين، من أراد هذه الفرصة فلا بد أن يقاتل ويقدم نفسه بصورة مميزة على مستوى المنافسات المحلية حتى يجد الدعم والتشجيع، خاصة مع حضور سبعة لاعبين غير سعوديين في الدوري قد تكون الفرصة صعبة جداً، المشروع السعودي الرياضي المتكامل سيساعد اللاعب السعودي على الاحتراف والابتعاث في الفترة المقبلة. * الكلمة الأخيرة لك؟ * رسالتي لكل الرياضيين، نحن نعيش نقلة نوعية وكبيرة في رياضتنا، أرجو وآمل أن يستوعب الجميع هذه النقلة، وأتمنى أن يسهم الإعلام في نجاح هذه النقلة الكبيرة، هناك دعم وتشجيع كبير من الحكومة لا بد أن نستثمره بالشكل الصحيح، ينبغي أن نبتعد عن التعصب والتحزب للأندية، وأن ندعم المشروع الرياضي السعودي لإنجاحه، فخور جداً بهذا الدعم الكبير، الذي تجده رياضتنا من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، إضافة إلى رجل المرحلة الرجل الشجاع تركي آل الشيخ الذي يجب أن نتحد جميعاً لدعمه. الداوود مع "الأخضر"