ما الذي كانت تحتاجه الرياضة السعودية منذ هزة ثمانية ألمانيا في نهائيات كأس العالم 2002م في كوريا واليابان، وما الواقع الذي تتكئ عليه؟، هذا هو السؤال الذي كان وإلى ما قبل فترة قصيرة يتردد، وكان الجواب هو الحزم وتطبيق النظام وممارسة الاحتراف في كرة القدم بمفهومه العالمي الصحيح والتخطيط في بقية الألعاب وفق الأنظمة المتقدمة لضمان التألق في المستقبل، وكانت جميع المعطيات تشير إلى أهمية التعامل مع هذا الشيء بعيداً عن التنظير والوعود والذهاب بالخيال فوق المؤسسة الرياضية المترهلة، والتركيز على ضرورة التخطيط الإستراتيجي والنظرة الشاملة للمنظومة من زوايا الموارد وبيئة العمل والأهداف والعامل الزمني للخطط الإستراتيجية على ضوء الإمكانات المتوفرة الحالية والمستقبلية، ولكن لا رعاية الشباب سابقا ً– هيئة الرياضة حالياً- ولا الاتحاد السعودي لكرة القدم طبقاً لما يحتاجه البناء الرياضي من جديد، فكان كل عام منذ 2002م وحتى الربع الأول من 2017 يمر يكون أصعب من الآخر من حيث القرارات ونتائج العمل وضعف الحضور على المستوى الدولي. ما العائق وما المطلوب؟ كان الأغلبية يؤكدون غياب الحزم وتطبيق النظام، واستقواء بعض الأندية وتمرد اللاعبين وعشوائية عمل الاتحادات وضعف قرارات المسؤول التي أدت إلى احتقان الوسط الرياضي واشتعال نار التعصب ورفع الإعلام لشعار "أن لم تكن معي فأنت ضدي" بعيداً عن تحمل المسؤولية وتأدية الأمانة وتكريس مفهوم الحياد والنقد البناء، وصار الانفلات وتجاوزات المسؤولين في الأندية واللجان والتحكيم أمرًا مألوفاً، والأقوى نفوذاً هو من يكسب المعركة، وليس من يريد النظام وتطبيق اللوائح، وأصبح المشجع والإعلامي والشخص صاحب النفوذ هو من يقود ويتحكم بسيطرته وهتافاته في المدرجات وتغريداته وقلمه وظهوره فضائياً، وسط فرجة من السلطة الرياضية وتجاوزات اللجان وغليان الوسط وتراكم الديون وموت القرار الصحيح وسط أدراج المكاتب. الكل تحت النظام وسط هذه السلبيات تدهور الاحتراف، وتراجعت الأندية وترنحت المنتخبات وابتعد "الأخضر" عن نهائيات كأس العالم 2010م في جنوب أفريقيا و2014م في البرازيل كنتاج طبيعي لمرحلة فقدان التوازن وغياب الحضور وسوء النتائج، ثم ماذا بعد؟، كان لا بد من تدخل القيادة لمعالجة الوضع وإيقاف رحلة الاتجاه إلى المسار الخاطئ، لم يدر بالخلد أن كرسي القيادة الرياضية سيجلس عليه شخص جديد هذا الشخص هو تركي آل الشيخ وفق الأمر الملكي في ال15 من ذي الحجة الماضي، ظنت جميع فئات المجتمع الرياضي أن سقف هيبة القيادة الرياضية سيخفض، وهذا ما لم يحدث في عهد الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان. الحزم يفتح الأدراج المغلقة مع مجئ آل الشيخ للرياضة، كل شيء تغيّر، والأدراج المغلقة تم فتحها، والقضايا المحفوظة أخذت دورتها بانتظار اتخاذ القرارات، الوسط الرياضي المنفلت والمشجع والإعلامي الذي أصبح الحزم الرياضي جديداً عليه بدأ يتضجر، وبعض الرؤساء حاولوا جس نبض المسؤول الجديد ولكنهم اصطدموا بجدار حزم لم يعهدوه وعين حمراء انتظرها الكثير، وهناك اتحادات أندية ولاعبين وحكام وأعضاء لجان ورؤساء أندية ذهبوا ضحية لفوضى قراراتهم بتوقيع آل الشيخ، حاول المشجع والإعلامي اللذان لايشاهدان إلا الأشخاص وليس الكيانات "التمرد" بعض الشيء، ولكن قوة المسؤول هذه المرة غير، فكانت قضية الحارس محمد العويس وعوض خميس وديون الاتحاد وإقالة بعض الأشخاض وتحويلهم إلى التحقيق ظاهرة جديدة على الوسط الرياضي، وأمام مرحلة جديدة من الحزم والعزم تناغماً مع ما يريده رجل الحزم خادم الحرمين ورجل التطوير ونصير الشباب ولي عهده الأمين، الصراخ هدأ، والتجاوزات تراجعت، وصارت هيئة الرياضة هي من يفرض قراراتها وليس الأندية والإعلام والجمهور هو من يقول رأيه. عقوبات غير مسبوقة رؤساء وإداريون وحكام أوقفوا لفترات والبعض مدى الحياة، وهنا صارت رائحة الأدراج وما يسمى ب"الفساد الرياضي" تعيد الجميع بأثر رجعي إلى حقبة "الاستقواء" من طرف الأندية وبعض المسؤولين والأشخاص فيها، بدليل القرار التاريخي بحق الحكم الدولي فهد المرداسي، ورؤساء أندية يطلبون الأمان في سبيل أن يسردوا لرجل الرياضة الأول و"قاهر الفساد الرياضي" كوارث التحكيم وتجاوزاته ومصائب بعض اللجان ومنها الانضباط التي تحدث عنها تركي آل الشيخ في قضية لاعب وسط الفتح ساندرو مانويل، وقبل ذلك تأكيده بتهبيط الأهلي وشطب تيسير الجاسم والعويس وفق تحقيق الجهات المختصة لولا بعض الاعتبارات، وإحالة بعض رؤساء الأندية للتحقيق في ملفات الديون. حزم آل الشيخ الذي يستمد قوته من ثقة ودعم الملك سلمان والأمير محمد أوجد خلال فترة لم تتجاوز عشرة أشهر وسطاً رياضياً منضبطاً ومن تعود التجاوزات صار يرتجف من عبارة "اللي فات ما مات"، وأختها "الموس على كل الرؤوس"، وهذا ما يريده كل محب للنهوض برياضة بلده وللحزم والانضباط، وتطبيق اللوائح والأنظمة الرياضية ، حتى على مستوى الإعلام الرياضي صار الصحفي يحسب لكلمته وطرحه ألف حساب ولا يمكن تجاهل ملف ديون الأندية وقضاياها الخارجية الذي عمل عليه بكل كفاءة ووجد الترحيب من ولاة الأمر، والدعم الكبير لها بالملايين وبلاعبين ومدربين، فما أجمل أن تتنفس رياضة الوطن هواء حزم جديد وقرارات رادعة لكل متجاوز في طريق العودة إلى منصات التتويج القارية والدولية بحول الله.