تبدو للمرة الأولى منذ عهد الرئيس العام لرعاية الشباب الراحل الأمير فيصل بن فهد -رحمه الله- اليوم، التي يمكن القول فيها إن عجلة الرياضة السعودية عادت للدوران في فلك الانضباطية، بعيداً عن الفوضى، مع حضور رئيس الهيئة العامة للرياضة تركي آل الشيخ، وفي وقت حاسم كانت الرياضة السعودية في حاجة ماسة خلاله لاستعادة توازنها من جديد، وتعديل مسارها إلى الطريق الصحيح، طريق النظام والعمل الاحترافي الممنهج، مع كل الاحترام والتقدير لجهود رؤساء الهيئة السابقين، وتفانيهم لخدمة وطنهم خلال فترة عملهم. الحراك الكبير لهيئة الرياضة خلال أقل من شهرين بالقرارات المؤثرة التي تدفقت تباعاً كسيل منهمر على الوسط الرياضي، ساهمت في فرض الهدوء بعد عواصف عاتية كادت تقتلع مكتسبات العمل الرياضي المحلي، وكان أطرافها يعبثون من دون حسيب أو رقيب، متجاهلين سمعة الرياضة السعودية، ومكانتها الإقليمية والدولية، حتى بات التناحر والتنافر وتأجيج المدرجات هي السمات الغالبة والطاغية، التي حولت الوسط الرياضي إلى ما يشبه الغابة، ولم تكتف الهيئة بقراراتها الانضباطية فقط بل أعادت الثقة للعاملين في اتحادات الكرة، ودعمت جهودهم كجهات رياضية رسمية مسؤولة، وتجاوزت الهيئة إلى احتواء الخلافات والمواقف المتباعدة بين الأندية، ووضعت يدها على مكامن الخلل، وبؤر التعصب التي كانت تتغذى على متناقضات الميول والمصالح الضيقة. مسارات أخرى حلقت خلالها هيئة الرياضة، بتسارع هائل نحو التطوير والتحفيز، بتوقيع مذكرات تاريخية عالمية، هدفها الارتقاء بمخرجات الرياضة السعودية، ودعم مسيرة المنتخبات، وصقل المواهب، وعودة الحياة للجنة الأولمبية، والتحضير لمشاركة تليق بالمنتخب السعودي الأول في مونديال روسيا 2018م، ودعم ممثل الكرة السعودية الهلال في الاستحقاق الآسيوي المقبل، ثم احتواء النجوم السابقين في حفلات اعتزال أو دعمهم بمداخيل المباريات الجماهيرية، كل ذلك نال إعجاب مكونات الوسط الرياضي، وساهم في ابتهاجه بعصر جديد، تسوده الألفة والاستقرار، والانطلاق نحو آفاق مستقبلية أجمل، في ظل رعاية وحرص واهتمام شامل من هيئة الرياضة. الشفافية والحزم كانا سمة العمل والتوجهات الجديدة في هيئة الرياضة بثوبها الجديد، وسنت برنامج الإصلاح والتطوير الرياضي، بعد أن توفرت أسباب نجاحه ومقتضياته، مع قيادة جادة تمتلك الكفاءة العلمية والعملية، حضرت في وقت مناسب بإرادة صادقة ورغبة حقيقية نحو التغيير والتطوير وفرض النظام على الجميع، فلا كبير ولا صغير، ولا قوي ولا ضعيف، أمام حزم وسيطرة الانضباط والنظام على الجميع، جنباً إلى جنب مع حراك التطوير المتواصل، الذي يدعمه التحفيز والحضور في كل المواقف الشائكة، التي تتطلب تدخلاً نافذاً وقراراً مؤثراً يصفق له الجميع، في قوته وتوقيته، يعتمد على عنصر المفاجأة حد الاحترام والتقدير، للمتابعة الدؤوبة لتفاصيل الأحداث اليومية المتتابعة. ديون الأندية وتراكمات العمل العبثي والعشوائي السابق من مجالس إدارات الأندية، أمسى ماضياً لا موقع له أو مكان في عصر هيئة الرياضة الجديد، والجميع بات يحسب ألف حساب لأي تجاوزات إدارية أو مالية، ستكون مكشوفة الآن، بعد أن كانت تحفظ وتتداول في ملفات عالقة، تتقاذفها مجالس الإدارات، وضحيتها الأولى هي كيانات الأندية وجماهيرها، حتى وصل صداها غرف المنازعات الدولية، وبلغ مداها ردهات الجهات القضائية الرياضية، ولوثت معها سماء الرياضة السعودية، وزاد على ذلك المزايدات المحلية، التي كانت تحدث في صفقات انتقالات أبرز اللاعبين السعوديين، حتى وصلت قيمة عقودهم لمبالغ خيالية، كانت الكرة السعودية هي الخاسر الأول من تبعاتها، ومعها خزائن الأندية التي أمست بعدها تتوجع، تحت وطأة الديون المتتالية والمتراكمة، حتى تنفست الكرة السعودية أخيراً بتطبيق مبدأ المحاسبة، ولفت نظر مجالس إدارات الأندية، إلى أن لا شئ بعد اليوم سيكون مجهولاً في عهد الشفافية والحزم. من المنطق اليوم القول إن الرياضة السعودية أصبحت عجلتها تتسارع في الطريق الصحيح، بجناحي الحزم والتطوير، ومن الجميل أن يتواكب ذلك مع حضور المنتخب السعودي الأول في مونديال الكبار في روسيا 2018م، بعد أن غابت شمس الكرة السعودية طويلاً عن منصات التتويج والمنجزات الكبرى في العقدين الماضيين، في نتاج طبيعي للفوضى، التي كانت تعصف بمخرجات الرياضة السعودية، وتضربها بالضعف والوهن كلما أرادت النهوض، من الجميل الآن رؤية النقاء والصفاء وفرض الانضباط وسيطرة النظام على المشهد الرياضي السعودي، وقريباً سيجني الجميع ثماره اليانعة على الأصعدة كافة، بمنجزات راقية تليق بمستوى العمل المنظم وبسمعة ومكانة الرياضة السعودية على الصعيد الدولي.