الدانمارك، المنتخب الأخير في ثالث مجموعات نهائيات كأس العالم 2018، ويشتق اسم الدولة من أكثر من معنى باعتبار تقسيم الاسم إلى قسمين، حيث تعني كلمة "دان" وهي الشق الأول من الاسم الأرض المنبسطة، وكلمة "مارك" تعني غابات، وبذلك إشارة إلى الغابات الواقعة جنوب ولاية شليزفيغ الحدودية مع ألمانيا، وتشير بعض المراجع اللغوية أن كلمة "دان" تحمل كذلك إشارة إلى عدد من شعوب الدول الإسكندنافية، وهي شبه الجزيرة التي تقع في أوروبا وتضم عدداً من الدول الأوروبية من ضمنها الدانمارك والنرويج والسويد. وابتدأت كرة القدم في الأراضي الدانماركية، بعد أن وصل إلى سواحلها البحارة البريطانيين، حيث وصلوا حاملين ثقافة كرة القدم فوق بواخرهم، لينزلوا بها إلى شوارع وحارات الدانمارك الشعبية، ويبدؤون في رحلة نشر هذه الساحرة الصغيرة، ولم تكن الدانمارك البلدة الأولى التي تصل إليها كرة القدم بفضل المهاجرين البريطانيين، فقد دأب البريطانيون على هذا النهج في نشر كرة القدم في أنحاء العالم. مراحل تأسيس اتجه عدد من المهتمين بكرة القدم في الدانمارك، إلى إنشاء أندية رياضية تهتم وتعتني بهذه اللعبة، وحتى تكون الأمور منضبطة ومندرجة تحت إطار رسمي، فقد تم البدء بعملية تأسيس هذه الأندية، ويعتبر نادي كوبنهاغن بولد كلوب أحد أقدم هذه الأندية تأسيساً، فقد تأسس عام 1876م وظل على قيد الحياة حتى عام 1992م وتم له الاندماج مع نادي بولدكلوبين، وظلت هذه الشراكة مستمرة حتى عام 2009، حيث تمت خلال ذلك العام إعادة تكوين النادي من جديد تحت مسمى إف سي كوبنهاغن، نسبة إلى عاصمة الدانمارك ويعتبر هذا النادي أحد أشهر الأندية الدانماركية، فقد حقق لقب الدوري 11 مرة، وحقق الكأس سبع مرات، وشارك في أكثر من نسخة ببطولاتي دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي. استمرار عملية التأسيس إلى جانب إنشاء هذا النادي العملاق كروياً، فقد برزت أندية دانماركية جديدة إلى الساحة الرياضية، مثل نادي آرهوس جمناستيك، والذي تأسس عام 1880، واستطاع أن يصل إلى دور ربع نهائي دوري أبطال أوروبا عامي 1961م و1989، وهو أحد أكثر أندية الدانمارك تحقيق للقب كأس الدانمارك حيث حققه تسع مرات، وكذلك تأسس نادي أولبورغ والذي اشتهر باختصار اسمه إلى أوبه، وذلك عام 1885 م وحقق النادي لقب الدوري المحلي أربع مرات، وفي عام 1887م تأسس نادي أودنسه، ويعتبر نادي راندرس من أواخر الأندية تأسيساً حيث أبصر النور في عام 2003. ولادة اتحاد رياضي انتشار الساحرة المستديرة بين الأزقة والشوارع، كان من أسباب تعجيل إنشاء اتحاد رياضي، وذلك بالنسبة لدولة لا تعتبر متقدمة على الصعيد الرياضي، إلا أن عدداً من المنتمين لهذه اللعبة استطاعوا أن يتعاضدوا لإنشاء أول اتحاد رياضي خارج بريطانيا وإيرلندا وذلك عام 1889، ويعتبر تاريخ تأسيس هذا الاتحاد متقدماً على صعيد الاتحادات الأوروبية الأخرى التي جاءت متأخرة عن هذا التاريخ، وظل الاتحاد الدانماركي غير معترف به لدى الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" حتى عام 1904، واستمر كذلك أعواماً طويلة حتى استطاع أن ينضم تحت مظلة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، وذلك في عام 1954م تم انضمام اتحاد الكرة الدانماركي إلى عضوية اليويفا. تأسيس منتخب عدم اعتراف الاتحاد الدولي بعضوية الاتحاد الدانماركي، لم يكن عائقاً أمام المسؤولين في الاتحاد المحلي بكرة القدم الدانماركية، حيث اتجهوا إلى إنشاء منتخب وطني يحمل ألوان الدولة ويمثلها خارجياً، فتم تكوين المنتخب الدانماركي عام 1988، وهو التكوين الذي كان ضعيفاً واحتاج الأمر إلى انتظار عام كامل حتى تم إنشاء الاتحاد المحلي، ومن بعده أصبح المنتخب الدانماركي قوياً، وحقق منتخب الدانمارك ميداليتين فضيتين في أولمبياد عام 1908، وعام 1912م، ومنذ حصول منتخب الدانمارك على الميدالية الفضية الثانية، وحتى عام 1920م فقد تم اعتباره واحداً من أهم المنتخبات الموجودة في العالم، وتم تصنيفه بالمنتخب الأول على المستوى العالمي، نظير النتائج والمنجزات التي حققها في هذه الفترة. مشاركة أولى للدانمارك في كاس العالم على الرغم من المستويات المتميزة التي قدمها منتخب الدانمارك، وتزامنت مع انطلاقة أولى نسخ كأس العالم 1930 والتي لعبت فوق ملاعب الأوروغواي، إلا أن المنتخب لم يشارك لظروف اقتصادية كان يمر بها الاتحاد الدانماركي لكرة القدم، واضطر الدانماركيون إلى الانتظار حتى نسخة كأس العالم 1986 والتي أقيمت في المكسيك، لتبدأ معها رحلة المنتخب الدانماركي في كؤوس العالم، وبالرغم من أنها المشاركة الأولى وتواجدت الدانمارك في مجموعة صعبة، حيث ضمت إلى جوارها ألمانيا الغربية والأوروغواي واسكتلندا، إلا أنها نجحت من تصدر مجموعتها والتأهل إلى دور ال16، وفي هذا الدور كتبت الدانمارك نهايتها في حضورها الأول بكؤوس العالم، حيث خسرت أمام إسبانيا بنتيجة تاريخية قوامها 5/1، لتتوقف مسيرتها في البطولة. غياب جديد عاود منتخب الدانمارك غيابه مجدداً عن كؤوس العالم، ولم يستطع التأهل من جديد إلى البطولة، إلا من خلال مونديال فرنسا صيف 1998م، حيث وصل منتخب الدانمارك إلى باريس من ضمن المنتخبات المشاركة في البطولة، ولعب في المجموعة الثالثة إلى جانب فرنسا والسعودية والكاميرون، ونجح من التأهل إلى دور ال16 بعد أن احتل المرتبة الثانية، وفي دور ال16 ألحق بمنتخب نيجيريا هزيمة تاريخية بنتيجة 4/1 ، واصطدم في ربع النهائي بالمنتخب البرازيلي المدجج بالنجوم، واستطاع أن يتقدم بالهدف الأول مع بداية المباراة، لكن نجوم السامبا عادوا من جديد، وتجاوزوا عقبة الدانمارك بعد الانتصار عليهم 3/2. حضور مستمر واصل منتخب الدانمارك حضوره في كؤوس العالم، وكان من المنتخبات المشاركة في مونديال آسيا الذي أقيم بين دولتي اليابانوكوريا الجنوبية صيف عام 2002، وباعتباره من المنتخبات التي وصلت إلى ربع نهائي النسخة الأخيرة، كان منتظراً من هذا المنتخب تقديم المزيد من النتائج المبهرة في هذا المونديال، وهو ما حدث في ظل تأهل منتخب الدانمارك بصدارة مجموعته على حساب فرنسا والأوروغواي والسنغال الذي رافقه بوصافة المجموعة، ارتفع سقف الطموحات لدى الجماهير الدانماركية في أن يستمر منتخبهم بتقديم نتائج مذهلة في مشاركاته بكؤوس العالم، لكن ذلك انتهى على يد منتخب إنجلترا والذي هزمه بنتيجة 3/0، ليغادر منتخب الدانمارككوريا الجنوبية عائداً إلى بلاده بعد أن خذل جماهيره. خيبة أمل غاب منتخب الدانمارك عن التواجد في كأس العالم 2006، حيث فشل من التأهل ضمن المنتخبات الأوروبية إلى هذه النسخة، وفي نهائيات كاس العالم صيف 2010، استطاع منتخب الدانمارك أن يعود إلى المشاركة في هذه البطولة، وتواجد المنتخب الدانماركي في مجموعة لم تكن صعبة على الورق، حيث تواجد إلى جانب هولنداواليابان والكاميرون، وكان عبور المنتخب الأحمر مجموعته أمراً منتظراً وفي متناول اليد، ولكن خسارته أمام هولندا 2/0 في الجولة الأولى أظهرت الشكوك في قدرات الدانمارك على التأهل، لكن انتصارهم في الجولة الثانية على منتخب الكاميرون 2/1 بدد جميع هذه الشكوك ومنح منتخب الدانمارك ثقة أمام جماهيره في التأهل إلى دور ال16، وفي المباراة الأخيرة أمام اليابان حدثت واحدة من مفاجئات البطولة، حيث سقطت الدانمارك أمام اليابان بهزيمة ثقيلة قوامها 3/1، ليحتفل لاعبو اليابان بالتأهل إلى دور ال16 أمام حسرة لاعبي الدانمارك الذين غادروا البطولة. أبطال أوروبا شارك منتخب الدانمارك في بطولة أمم أوروبا ثماني مرات، وذلك بدءاً من نسخة عام 1964م والتي أقيمت في إسبانيا، وحقق الدانمارك المركز الرابع، وفي عام 1992 استطاع منتخب الدانمارك أن يحقق لقب البطولة للمرة الأولى في تاريخه الكروي، ففوق ملاعب السويد التي استضافت نسخة هذه البطولة، انطلق منتخب الدانمارك يبحث عن مجدٍ جديد، في ظل امتلاكه لعدد مميز من اللاعبين، قدموا مستويات رائعة في قمصان أنديتهم ومع منتخب بلادهم، استحقوا على أثره إطلاق لقب "الديناميت الدانماركي" عليهم، وانتفعت الدانمارك من انسحاب منتخب يوغوسلافيا لتحل بدلاً عنه في البطولة، وفي دور المجموعات تأهلت كمركز ثانٍ إلى نصف النهائي، واحتكمت مع هولندا إلى ركلات الترجيح لتحديد الفريق المتأهل إلى نهائي البطولة، وابتسمت الركلات الترجيحية لمصلحة منتخب الدانمارك، وفي المباراة النهائية التقت مع منتخب ألمانيا الغربية، ورغم القوة الألمانية نجح لاعبو الدانمارك في تحقيق الانتصار والتتويج بلقب البطولة الأوروبية، بعد أن هزموا ألمانيا 2/0 . نجم الدانمارك أنجبت كرة القدم الدانماركية عدداً من النجوم، لكن مايكل لاودروب يعتبر أحد أبرز أساطير كرة القدم الدانماركية، ابتدأت مسيرته الكروية في قميص كوبنهاغن بولدكلوب، وقدم مستويات متميزة إلى حين لفت أنظار الأندية الأوروبية الكبيرة، فتقدم يوفنتوس الايطالي عام 1983م إلى ضمه لصفوفه، وانتقل عام 1989 إلى صفوف برشلونة الإسباني وبعد مستويات متميزة قدمها مع الفريق الكتلوني، قرر في عام 1994م أن ينتقل إلى الغريم التقليدي ريال مدريد في صفقة مفاجئة للكثير من الرياضيين آنذاك، واستمر بقميص نادي العاصمة موسمين، وانتقل بعدها إلى أياكس امستردام الهولندي، ليكون هو القميص الأخير الذي يرتديه لاودروب في مسيرته الكروية، وشارك في قميص منتخب بلاده بكأس العالم في نسختي عام 1986 و1998، وتوج نفسه مع بلاده بطل أوروبا عام 1992، وفي عام 2006 أجرى الاتحاد الدانماركي استفتاء على موقعه الشخصي حول اللاعب الأبرز في تاريخ الكرة الدانماركية، وحصد لاودروب أكبر عدد من الأصوات من جماهير بلاده. منتخب الدانمارك نجح من الوصول إلى مونديال روسيا منتخب الدانمارك بعد حصولهم على ميدالية الأولمبياد عام 1908