أقام النادي الأدبي الثقافي في منطقة حائل ممثلاً باللجنة المنبريّة محاضرة بعنوان: "صورة المثقف في الرواية المعاصرة"، للدكتور سعد البازعي، وأدار المحاضرة الشاعر سعد الهمزاني، أُقيمت الفعالية مساء يوم الأربعاء الماضي الموافق 27 / 12 / 1437ه في المقر الجديد للنادي بمدينة حائل شمال منتزه السلام. وبدأ مدير الأمسية الشاعر سعد الهمزاني هذه المحاضرة بسرد ووصف واف للسيرة الذاتية الزاخرة للأستاذ الدكتور سعد بن عبدالرحمن البازعي، ثمّ تحدّث المحاضر عن الارتباط بين الرواية العربية والسير الذاتية لكتّابها، وحضور شخصية المثقف في الكثير من الروايات، وتصوير الروايات للمثقف على أنّه على قدر من الثقافة مكنته من كتابة الرواية، وتطرّق لحضور المثقف وشخصيته في الرواية بين الكاتب وحضوره المهم في الرواية، والصورة المرتسمة للمثقف في الروايات العربية المعاصرة وتفاوتها من رواية إلى رواية، ومن روائي إلى روائي. وأشار الباعي إلى تعريف معالم شخصية المثقف في الأدب العربي ودور المثقف ورسالته وضرورة الوقوف على ثقافات أخرى للوصول إلى عدد من المفاهيم المتصلة بالثقافة، وأشار إلى دراسات المفكر الفلسطيني هشام شرابي "مقدمات لدراسة المجتمع العربي"، وتجسيده لدور المثقف بأنه يمثل الوعي الاجتماعي، وتوظيفه لهذا الدور وإشارته لأنواع المثقفين ما بين الملتزمون اجتماعياً وفكرياً وصولا إلى المهنيون، وذكر صفات المثقف الاساسية وأدواره بصفته يمثل الوعي السياسي والاجتماعي وتطرق للقاسم المشترك بين الشخصيات المثقفة، واقترح البازعي أربع صور للمثقف: المثقف المضطهد سياسياً واجتماعياً، المثقف المنفي، المثقف المتامل في عزلة، والمثقف الانتهازي، وقال أن الثلاث أصناف الأولى هي لمثقفين مستنيرين يحملون رسالة توعوية قد تلقى مقاومة، وهذه الصور قد توجد لدى كاتب واحد. وتطرّق إلى بعض النماذج كالرواية الأولى ل عبدالرحمن منيف "الاشجار واغتيال مرزوق"، وشخصية منصور عبدالسلام استاذ التاريخ والمترجم والباحث المسافر الذي تعرض لإشكالية التعامل مع الاوضاع السياسية والاجتماعية انتهى به الامر في مستشفى المجانين، وكذلك تطرّق المحاضر الدكتور سعد البازعي الى روايات أخرى وصور أخرى للمثقف من زوايا تختلف درجة ونوعاً مثل رواية "شرق المتوسط"، وهي من أدب السجون، وشخصية رجب الذي يستعيد ذكرياته في السجون لكونه المثقف المضطهد، وحرص الروائي عبدالرحمن منيف على تحوّل شخصياته في رواياته الى أنموذج تمثيلي لمأزق المثقف في بيئات تتشابه أوضاعها، وكذلك شخصية المثقف الانتهازي مثل صبحي المحملجي لصورة لتحالف المال والسلطة، يؤكد منيف أنها شخصية روائية وليست واقعية. واستعرض الدكتور سعد البازعي العديد من الروايات العربية وحضور شخصية المثقف فيها لشخصيات روائية في عدد من النصوص، وما يبدو أنه محاكمة الكاتب لنفسه واستمرار التشابه بين المثقف وكاتب الرواية، ويختتم المحاضرة بصورة من تونس من رواية "الطلياني" ل شكري المبخوت، ووجود نموذج شخصية المثقف في صورة امرأة هي "زينة" وهي طالبة جامعية، وفي هذه الرواية التي يصور كاتبا أحداثها على أنها وقعت في آخر أيام الربيع العربي، ونموذج المرأة المثقفة نموذج ليس شائع في الرواية العربية، ومن النادر وجود مثقفات عربيات في شخصيات الرواية العربية، وعرض البازعي لمقتبسات من مقولات "زينة" في هذه الرواية. كما أشار إلى أن حضور شخصية المثقف في الرواية السعودية ليس كثيفاً مما يجعل من الصعوبة بمكان تناولها أو العثور عليها، وفي نهاية المحاضرة جاءت فقرة المداخلات ومشاركات الحضور، ثم فقرة تكريم المحاضر الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالرحمن البازعي، ومدير المحاضرة الأديب الشاعر الأستاذ سعد الهمزاني بدروع تقديرية مقدّمة من النادي الأدبي الثقافي في منطقة حائل قدّمها لهم رئيس مجلس إدارة النادي الدكتور نايف بن مهيلب المهيلب.