من يمر بمتنزه حائل العام الواقع على طريق "حائل – الخطة" يعتقد أنه بقية مزرعة قديمة، أو غابة هجرت .. أشجار متناثرة، طرق مطمورة بالرمال، وبقايا أجهزة مياه محورية. إذا كانت طبيعة الحياة تفرض التطور مع ارتفاع الإمكانيات وتعدد الحاجات، فإن ما حدث للمتنزه أشبه بحكاية بائسة بطلها ثلة من البيروقراطيين، هان عليهم المال العام، فذهبت أموال كان مفترض أن توجه لخدمة السكان إلى الهواء، أو الإهمال، أو أي شيء آخر غير الفائدة المرجوة. في عام 1405 فكرت البلدية قبل أن تتحول إلى أمانة على الرغم من إمكانياتها المادية البسيطة في إنشاء متنزه عام للسكان، وخططت المكان، رصفت الطرق، أنشات البحيرات، ركبت المضخات، زرعت أطراف النفود، أحضرت العمالة، أنشأت المشتل الذي يمدها بالشجيرات والزهرات الجميلة .. لكن خلال عام أو أقل نامت البلدية أو هي غطت في سبات عميق، فأهمل المتنزه، لكنه بقي متنزها بريا جميلا رغم كل الإهمال. خلال العقدين الماضيين، بدأت البلدية في خلع المتنزه طوبة طوبة، فمرة الرشاشات المحورية حيث جرى نقلها إلى متنزهات أخرى، ومرة المضخات، ومرة نقل العمالة، وهكذا تحول إلى ما يشبه سيارة التشليح في كراج حكومي. طوال العقدين الماضيين، كانت هناك مطالبات بنقل متنزه حائل إلى مسؤولية بلدية الخطة التي لا تبعد سوى عشرة كيلو مترات فقط عنه، لكن هذه المطالبة لم تتحقق. وهو ما دفع الأخيرة إلى إنشاء متنزه آخر قبالته مباشرة، كدليل على صعوبة بعض القرارات الحكومية في أمر تنموي يحتاج إلى السهولة والسلاسة التي تكفل تحقيق الصالح العام. قبل سنوات قليلة، دبت في المتنزه روح جديدة قادها أمين حائل السابق الدكتور يوسف العمار أمين منطقة حائل من خلال إقامة احتفالات العيد في المتنزه فتحول إلى خلية نحل، وتم ترميم أطرافه، وجهزت بعض المواقع فيه، لكن الحال عادت إلى حالها فور انتهاء المهمة، وهكذا تحول المتنزه إلى ساحة للتفحيط من قبل الشباب. أهالي الخطة طالبوا بضرورة تأهيل هذا المتنزه مرة أخرى والاهتمام فيه ولبت بلدية مدينة الخطة مطالب الأهالي المتكررة بخطاب رسمي وجه إلى أمانة حائل تطلب فيه باستلام هذا المتنزه رسميا ليتبع الخدمات البلدية في بلدية الخطة ويتم تأهيله وصيانته مجددا ليكون متنزها عاما للأهالي، لكن قوبل طلب البلدية بالتجاهل من قبل المسؤولين في أمانة حائل وظل المتنزه على حاله. في هذا الصدد يقول مدارك عليان الجريفاني رئيس مجلس بلدي الخطة سابقا، إن هذا المتنزه كان متنفسا لأهالي منطقة حائل عموما وهو من أفضل المتنزهات الطبيعية في المنطقة، ولكن للأسف تحول كما ترى إلى غابات موحشة ومرمى للنفايات وأهمل من قبل القائمين عليه وسحب كل ما فيه من معدات ومكائن وإنارة وقطعت عنه المياه حتى ظل مرتعا للحيوانات. وقال الجريفاني إن أهالي مدينة الخطة طالبوا البلدية بتأهيله وتمت مناقشة الطلب على طاولة الاجتماعات في المجلس البلدي قبل ثلاث سنوات وتم التصويت عليه والتوصية بضرورة رفع خطاب لأمانة حائل عن طريق بلدية الخطة لتأهيله أو تسليمه لخدمات بلدية الخطة، ولكن حتى الآن لم يستجب لطلبنا، مضيفا: نعيد مطالبنا لأمانة حائل بالنظر لهذا المتنزه وإعادة تحسينه أو تسليمه لبلدية الخطة لصيانته والاهتمام به فمثل هذه المتنزهات الطبيعية الجميلة من الخطأ إهمالها وتدميرها فقد صرف عليها ملايين الريالات من ميزانيات الدولة لتكون متنفسا ومتنزها للمواطنين وبالتالي تهمل بهذه الطريقة. وقال عيد الشمري إن هذا المتنزه من أفضل المتنزهات على مستوى المملكة وليس فقط المنطقة فكان يمتاز بوفرة المياه وعذوبتها أولا وبخصوبة أرضه ووقوعها وسط النفود وكذلك تجهيزه بالبنية التحتية من سفلتة وكهرباء وأعمدة إنارة ونخيل وأشجار ومظلات ومواقف ودوارات ومصليات وغرف ومخيمات وبحيرات ورشاشات مياه ونوافير. كل هذه المميزات لا تتوافر في أشهر المتنزهات في المملكة فهو متنزه يتميز بميزات فريدة من نوعها، مضيفا "للأسف رغم كل ما يحويه هذا المتنزه إلا أنه أهمل ودمر من قبل أمانة حائل، مشيرا إلى أن بلدية الخطة شرعت في إنشاء بعض الحدائق والمسطحات الخضراء فبدلا من ذلك كان الأولى لها أن تهتم وتطالب بصيانة هذا المتنزه الذي بكل تأكيد سيغني عن جميع هذه المسطحات والمتنزهات في المنطقة.