في مجتمعٍ بدأ بالانفتاح الفكري ، والبعد عن أحادية الرأي لفت نظري نقاش في إحدى مواقع التواصل الاجتماعي عن "الزوجة الموظفة " وما مدى تأثيرُ هذه الوظيفة على منزلها ومجتمعها سلباً أو إيجاباً .. الغريب هنا أن يتوجه عددٌ من الرجال للمطالبة بترك الموظفة لوظيفتها على وجه العموم والجزم بأن هذه الوظيفة لم تجرّ على منزلها إلا المآسي ،ولعل من أهم ما علّلوا به ذلك : أن مجرد خروجها لعملها صباحاً وعودتها ظهراً سببّ إهمالها في تربية أولادها ، وأضعف تحصيلهم العلمي ، وأشغلها عن زوجها وحقوقه عليها ، وأثر في مزاجها ، بالإضافة إلى تأثير زميلاتها عليها فتأتي مطالبة بأمور لم يعتد الزوج أن تطلبها ، ومن المؤكد أن هذه الملاحظات قد تقع من بعض النساء ولكن ذلك لا يعني تعميمها والجزم بأن وظيفة المرأة نقمة على أسرتها .. المؤسف حقاً أن الوجه الآخر من منافع وظيفة الزوجة لا يُذكر في مجالس الرجال ولا يُستشهد به إلا فيما ندر !! ومن خلال ما نراه من الكثير من النساء نرى أن الزوجة الموظفة هي أقدر على ضبط نومها ونوم أولادها ، وفي الأغلب هي تنفق أكثر راتبها إن لم يكن كلّهُ في مساعدة زوجها في احتياجات الأسرة الأساسية مع هذا الغلاء الذي نعيشه، ونستطيع التمييز بوجود موظفة في هذا المنزل بتحسن الاحوال المعيشية للأسرة . بل أن بعضهن تعطي زوجها بطاقتها وتخوّله التصرف في حسابها كيفما يشاء فهي ترى أن علاقتهما تجاوزت الحدود المادية ، ويتعدى الأمر ذلك ويتحول راتب الزوجة مصدراً لحل الأزمات المالية ليس لبيتها فقط بل لأهلها أو أهل زوجها ( وهنا يتم الموضوع بسرية شديدة ) وتتنازل المرأة حتى عن ذكر مصدر المال الذي جاء به الابن الشهم (الزوج ) لأهله حرصا منها على علاقة الزوج بأهله ونظرتهم له. ولا ننسى أن أكثر سلبيات المرأة في نظر زوجها حين يشعر بفراغ عقلها وقلة إدراكها وضيق أفقها ونكدها الدائم وحرصها على تملكه وملازمته لها في كل وقت ، هذه الأمور تتلاشى مع عمل المرأة في الغالب حيث تعي المرأة الموظفة أنهما كيانان مستقلان ولديهما من الواجبات وعليهما من الحقوق ما يخالف مفهوم "التملك والاحتكار " ولا ينبغي الإجحاف في حق وظيفة المرأة وادعاء أن زميلاتها هن سبب لتحريضها على التمرد ، فالمرأة قد تواجه هذه الفئة من المحرّضات في أي مكان وليس في عملها فقط ، والمرأة العاقلة في حصانة فكرية تجعلها لا تتأثر بذلك سواء كانت موظفة أم ربة منزل . خلاصة القول أن الأسرة وحقوقها من المقدّسات التي لا ينبغي لأي طرفٍ التفريط بها ، وحرص الزوجين على هذا البناء سيجعله بإذن الله خير سكنٍ لهما ولأولادهما ، سواءً كانت الزوجة موظفة أم لا .. هيفاء ال خالد .. ماجستير ادارة وتخطيط تربوي – جامعة تبوك