يشكل راتب الزوجة أحد العوامل المشتركة في الخلافات الزوجية حيث يرى بعض الأزواج أنه حق له، بحكم أنها أصبحت تحت ولايته، فيما ترى الزوجات أنه تدخل في شؤونهن الخاصة وأخذ أموالهن دون مبرر، معللات أنهن يحصلن عليه بعد تعب ومشقة. بين رفض الزوجات وتسلط الأزواج تنشأ اختلافات عدة في الأسرة، قد تصل إلى الانفصال والمشاكل بين أسر الأزواج، ما يجعل الشق يتوسع ويصعب رقعه، فيما يقع الأبناء ضحية للخلافات الأسرية. وفي الوقت ذاته تظل حالات الاختلاف محدودة، حيث تدعم العديد من الزوجات أزواجهن من منطلق التعاون والمشاركة في بناء الأسرة، وتلبية متطلباتها، مؤكدات أنهن يخصصن جزءا من رواتبهن لمساعدة أزواجهن خاصة في الأزمات المالية التي زادت في الارتفاع في السنوات الأخيرة. وكشفت أمل السلمي (معلمة في إحدى مدارس الرياض): بعض زميلاتي يخضعن لتسلط الأب الذي يستولي على جميع الراتب الشهري، ولا يترك لها شيئا، فيما يتم سحب بطاقة الصراف الآلي لضمان عدم حصول الزوجة على أي مبالغ، وذلك بحجة أنهن يقعن تحت مسؤولية الزوج. وأضافت السلمي: بعض المعلمات يتعرضن لحالة مشابهة من أزواجهن، مستخدمات الطلاق كسلاح لتهديد المرأة في حال رفضت الموافقة على منح راتبها لزوجها، ما يجعلها تلتزم الصمت وعدم إبلاغ أسرتها خوفا على حياتها الزوجية. من جهة ثانية، تقول سهى المحمد إن أكثر الأزواج يجبرون زوجاتهم على دفع جزء من رواتبهن ضريبة عملها وعدم جلوسها في المنزل، فيخيرها الزوج إما ترك الوظيفة أو اقتطاع جزء من راتبها، في حين أن أغلب الزوجات يدفعن مصاريف أبنائهن إضافة إلى رواتب الخادمة والسائق، ولكن البعض يرى أنها ليست كافية، ويجب عليها وضع جزء مخصص له لرضائه لعملها. من جانبه، أوضح عضو مجمع الفقه الإسلامي الدكتور محمد بن يحيى النجيمي أن راتب الزوجة حق لها ولا يجوز للزوج أخذ أي جزء منه دون رضاها، مشيرا إلى أن مجمع الفقه الإسلامي أجمع على أنه يجوز للزوج الأخذ من راتب زوجته في حالات محددة، إحداها إذا سكنت في منزل قريب من عملها وكان المنزل مكلفا، والآخر إذا استقدمت الزوجة خادمة أو سائقا كان من الممكن الاستغناء عنهما في حال جلوسها بالمنزل، أما دون ذلك لا يجوز إجبار الزوجة على الصرف من راتبها على المنزل. وأضاف النجيمي: إذا أجبر الزوج زوجته بأن تتنازل عن راتبها يحق لها أن ترفع الأمر قضائيا وأن يعاقب الزوج على فعلته، مشيرا إلى أنه من المفترض أن تسن قوانين صارمة للمعتدي على حقوق الزوجة حتى لا تستغل أو يُطمع فيها وللحد من هذا التجاوزات. ويشير المستشار الاجتماعي في مركز الإرشاد الاجتماعي في الرياض أحمد القاضي، إلى أن هذه القضية أصبحت تهدد استقرار أكثر بيوت النساء العاملات وقد تكون المؤشر الأقوى الذي يهدد كيان أسر كثيرة، إذ إن منازعات الأزواج على راتب الزوجة يؤدي في الغالب إلى الطلاق لأن الزوجة تنظر إلى الزوج بأنه الوحيد الذي يتحمل مسؤولية المنزل وألا يطمع في مالها، وهذا الواقع يرفضه الزوج خاصة ذوي الدخل المتدني. ويرى القاضي أن راتب الزوجة حق لها إذا ما تنازلت برضاها عن جزء منه ولكن في المقابل نرى نسبة لا يستهان بها من الأزواج يتمتعوا بحرية التصرف في رواتب زوجاتهم حتى لو لم يكونوا في حاجة له وهذه من الأخطاء الكبيرة التي يقع فيها الزوج. من جهته، يؤكد المحامي والقانوني فيصل المشوح، أن القانون ينظر لراتب الزوجة بأنه حق شرعي لها ولا يستطيع الرجل أخذ أي جزء منه من غير رضاها، فإذا لجأت المرأة إلى القضاء لا ينظر القضاء لحال الزوج وإنما يحكم لها مباشرة بأخذ راتبها كاملا لأنه لولا تعبها ومجهودها لما وجد هذا الراتب، مضيفا أن الزوج قد يضيق الخناق على زوجته أو يضع العقبات أمام مسيرتها حتى تعطيه من راتبها أو لا تستمر في عملها، ولا يستطيع القانون التدخل فيها إذا ما طالبت المرأة بحقها، وقد يقايض زوجته إذا لم يستقطع من راتبها جزءا لا يوافق على عملها خصوصا أن أغلب الجهات العملية تربط عمل الزوجة بموافقة ولي الأمر فترضخ لمطالبه عنوة منه.