مسلسل فتح الملفات حمود أبو طالب نادرا ما نسمع عن محاسبة المقاولين المنفذين للمشاريع الحكومية، وتحميلهم مسؤولية التقصير والتأخير والتلاعب بالمواصفات الفنية. لقد اعتادوا على فعل ما يشاؤون بسبب وجود منظومة واسعة من المتواطئين المستفيدين الذين يحترفون البحث عن المخارج في الأنظمة والتلاعب في شهادات الإنجاز واختراع أعذار لأولئك المقاولين الذين يضعون أيديهم في جيوب وأفواه منظومة الفساد. أصبح مألوفا أن يتساءل الناس لماذا تأخر تشغيل مشروع ما في موعده المعلن، لكن من غير المألوف أن يجدوا جوابا، لأن من يمارس الخطأ ويشترك فيه لا يجرؤ على الجواب.. المسؤول المخلص إذا حاول تطبيق النظام على وجهه الصحيح سيجد مقاومة شديدة، وسيجد من يحاول إسقاطه وإذاقته صنوف المعاملة السيئة و«التطفيش» حتى يستسلم ويتراجع عن إخلاصه وجرأته، أو ينفى الى حيث لا يجد عملا يقوم به، ويصبح مجرد رقم وظيفي هامشي فاقد المسؤولية والصلاحية. وحين تصدر المحكمة الإدارية في جدة حكما بتغريم شركة مقاولات مكلفة بتنفيذ عدد من المستشفيات في المملكة مبلغ 64 مليون ريال لتأخرها في تنفيذها مدة ست سنوات، حاسمة بذلك خلافا بينها وبين وزارتي الصحة والمالية، حين نسمع عن قضية كهذه فإنها سابقة نادرة ينتصر فيها النظام على امبراطورية المقاولات التي هزمت كثيرا من الذمم، وهزمت النظام معها.. أي عذر من الذي اعتاده المقاولون سابقا كتأخير المستحقات وما شابهه لم يعد مقبولا الآن، ولم يعد ثمة أسباب سوى الاستهتار والفساد ونهب المال العام.. مستشفيات ينتظرها الناس بفارغ الصبر كي تفك الخناق عن طوابير الانتظار الطويلة للمرضى، لكن ذلك لم يحرك ساكنا في ضمير صاحب الشركة، ولو لم ترفع قضية ضد الشركة مع الإصرار على مواصلتها لذهبت الشركة بالمال وظلت مشاريع المستشفيات أشباحا وأطلالا. عهد المحاسبة والمساءلة والثواب والعقاب الذي بدأنا نعيش ربيعه يجب أن يستمر ولا يستثني أحدا. يجب أن يكون النظام هو سيد الموقف وأن تكون حقوق المواطن الهدف الذي يسعى إليه النظام.