أعلن معالي وزير الصحة من خلال فعاليات مؤتمر علاقات المرضى الذي عقد مؤخراً بمدينة الرياض عن تغيير مسمى إدارة علاقات المرضى إلى علاقات وحقوق المرضى إيمانا بضرورة وجود مسار واضح يتجه إليه المريض والمراجع ويتبنى له شكواه وتعريفه بحقوقه وواجباته، وكما ذكر سعادة مدير عام علاقات المرضى بوزارة الصحة أن مفهوم "المريض أولا" هو اختيار يوضح منهجية الوزارة المستقبلي بالتركيز على المريض وكل ما يحقق له مستوى أفضل من العناية يوافق توقعاته. من هذا المنطلق "توقعات المريض تجاه الخدمة" كانت فكرة محاضرتي حين عرض علي من قبل اللجنة المنظمة المشاركة في هذا الملتقى الدولي، فاتجهت للبحث في المصادر المعلوماتية واسترجاع خبرات العمل فوجدت أن التوجه الحديث يبدأ من دراسة توقعات المريض من خلال وضع السيناريو لمسار طلب وتقديم الخدمة من قبل حضور المريض وحتى إلحاقه بالرعاية اللاحقة أو برنامج المتابعة بعد تلقيه الخدمة حتى لا تتحول رحلة طلب العلاج إلى رحلة معاناة في دهاليز الإجراءات الغير ضرورية والتي قد تولد لدى المريض إنطباعات سلبية منها مالا يمكن نسيانه ويمحو في طريقه كلما قدم إليه من خدمات ومن هنا نشأت برامج تسمى”engineering of patient expectation" أو هندسة توقعات المريض، وتركز هذه البرامج من مشاريع التحسين المستمر لمسار طلب الخدمة بمفهومها الشمولي وتخطيط مسار الإجراءات لجميع المراحل بمفهوم يسمى في الجودة " process approach" بحيث تتكامل أدوار الأقسام وينصهر عملها في الإطار الجماعي فلا تكون هناك فجوات تتولد معها الخبرات السلبية للمريض في أداء الأقسام حينما تعمل كلا على حده ولا تركز على دور الطبيب دون الفئات الأخرى والتي هي من الأهمية بمكان كجزء لا يستغنى عنه لتقديم الخدمة. وقد تم تقسيم مواطن حدوث هذه الخبرات لدى المريض إلى ثلاثة مستويات هي محيط الخدمات " setting" ومقدمي الخدمة “people “ والإجراءات اللازمة “process” وتم وضع آلية لقياس قرائن المشاعر سلبية كانت، محايدة أو إيجابية يتم من خلالها تحاشي القرائن السلبية المؤثرة والعمل على تحويل المحايدة منها لإيجابية وتعزيز الإيجابية لضمان التقييم الإيجابي وكسب ولاء المريض والمراجع وتحويله إلى صوت داعم ومتحدث عن خبراته الإيجابية بدلا من ناقم ورافض لطلب الخدمة يحمل انطباعات سيئة ينقلها للآخرين. وقد ذكرت بعض العبارات والجمل في مسار رحلة المراجع من حيث ينبغي أن تكون بدلا من حيثما نعتقد. وإني أعتقد أن التحدي الموجه لهذه الإدارة الفتية بوزارة الصحة ينبع من وقوعها بين المطرقة والسندان والتي تتمثل في المراجع والمريض من جهة، والفريق مقدم الخدمات العلاجية من جهة أخرى وكيف تكون حلقة وصل إيجابية تتكلم بالأرقام وتشارك في وضع الحلول وتتحمل عناء الإقناع لكلا الطرفين بما يحقق تفهم الضغوط وتحقيق المتطلبات دون التحول لأداة ضغط على طرف أو رقابة غير محببة على الآخر. ولقد كتبت في أحد مقالاتي عن الدور المنقوص للأخصائي الاجتماعي لكنني الآن أعتقد أنه من خلال هذه الإدارة سوف يكون له الدور الملموس من خلال ما يتمتع به من مقومات علمية وشخصية، وياحبذا لو كانوا كما قلت مبادرين لاينتظرون المريض أو المراجع بل يعمدون مع الفريق إلى هندسة توقعات المريض داخل وخارج المنشأة الصحية، كما أتمنى أن يمتد ذراع هذه الإدارة يوما ما لتشكيل فريق الخدمة الإجتماعية المجتمعية يصل للمجتمع والمستفيد في مواقعهم ويبادر في خدمتهم وحدسي يحدثني أنهم ربما قد بدءوا يخططون لذلك. *استشاري طب المجتمع