حتى الخمسينيات من القرن العشرين، لم يكن باستطاعة الأطباء القيام بأي شيء تقريبا لخفض ضغط الدم. وكان المصابون بفرط ضغط وخيم يتعرضون للسكتات وقصور القلب و الكلية. لكن خلال أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات من القرن العشرين، توافرت العقاقير المضادة لفرط ضغط الدم التي تخفض ضغط الدم وتنقذ حياة الأشخاص. إلاّ أن العديد من هذه العقاقير البدائية، التي لم تعد مستعملة اليوم، ارتبطت بتأثيرات جانبية وخيمة. وخلال السبعينيات من القرن العشرين، توافرت العقاقير ذات التأثيرات الجانبية الأقل عددا وحدّة، وأمكن بالتالي وصفها للذين يعانون من فرط ضغط دم أكثر اعتدالاٍ وكانوا أقل عرضة لخطر الأمراض القلبية الوعائية. يتوافر الآن خيار كبير من عقاقير خفض الدم، ومن المهم أن تعرف أسماء العقاقير التي تتناولها وكيفية عملها وتأثيراتها الجانبية المحتملة. ومع التحسينات الحاصلة في تطوير العقاقير، يزداد احتمال التخفيف من التأثيرات الجانبية أو حتى تفاديها بالكامل. 1- مدرات البول الثيازيد: أمثلة على هذه المجموعة: كلوروثيازيد، إنداباميد. تعمل هذه العقاقير على مساعدة الكليتين على التخلص من الماء و الملح في البول، مما يخفض قليلا من حجم الدم الجاري، و بالتالي إخراج بعض الضغط من الجهاز. وهي تبقي الدعامة الأساسية لمعالجة فرط ضغط الدم، ولا سيما عند الكبار في السن، ويشار إليها أحيانا ب (أقراص الماء) لأنها تزيد قليلا من إنتاج البول. قد تتسبب هذه المجموعة من الأدوية بداء النقرس أو السكري. وفي الجرعات الكبيرة، تخفض مدرات البول الثيازيد مقدار البوتاسيوم في الدم وتزيد من مقدار الكوليسترول، لكن مثل هذه المشاكل أقل بروزاً الآن لأن العقار يوصف بجرعات قليلة ومعقولة. 2- محصرات بيتا: أمثلة على هذه المجوعة: لابيتالول، نادلول، بندولول. تعمل هذه العقاقير من خلال حصر فعل النورأدرينالين الذي يحضّر الجسم لحالات الطوارئ أو مايعرف باستجابة الهروب أو الهجوم بالتعاون من مادة كيميائية أخرى اسمها الأدرينالين. تفتح هاتان المادتان الكيميائيتيان القويتان بعض الأوعية الدموية وتضيقان أوعية أخرى، للتحكم في تدفق الدم إلى الأعضاء الأساسية مثل القلب. كما أنها تسرعان القلب، وتجعلانه يضخ بقوة أكبر مما يرفع ضغط الدم. إلاّ أن محصرات بيتا تمنع حدوث كل ذلك وتبطئ بالتالي القلب وتخفف من قوة تقلصاته وتخفض ضغط الدم. لكنها تضيق المجاري الهوائية في الرئتين، فلا يمكنك تناولها إذا كنت تعاني من داء الربو. وبما أن هذه العقاقير تخفف من قوة تقلص القلب، فقد لا تكون ملائمة إذا كان قلبك لا يضخ جيدا، كما إذا كنت تعاني من قصور القلب. وقد تخفف هذه العقاقير على المدى الطويل من قدرتك على ممارسة التمارين وتخفض قليلا من مستوى الطاقة لديك، إذ تجعل قلبك يضخ بقوة أقل وبطء أكبر، وقد تتسبب هذه العقاقير ببرودة في اليدين و القدمين لأنها تخفض نتاج القلب. كما أن بعض أنواعها مثل البروبرانولول يعبر إلي الدماغ وقد يسبب أحلاما قوية واضطرابا في النوم. إلاّ أن هذه المشكلة باتت أقل حدة مع العقاقير الأكثر حداثة في هذه الفئة عند استعمالها بجرعات ضئيلة. 3- محصرات قناة الكالسيوم: أمثلة على هذه المجموعة: نيفيديبين، دلتيازيم، أملوديبين. تعمل هذه المجموعة من خلال حصر فعل الكالسيوم في العضلة الملساء لجدار الشُرَينات. ويُعتقد أن تقلص العضلة الملساء الناجم جزئيا عن الكالسيوم يضيّق هذه الأوعية الدموية، مما يؤدي إلى نشوء فرط ضغط الدم. لكن حصر فعل الكالسيوم يفتح الأوعية الدموية ويؤدي إلى هبوط في ضغط الدم. وتكمن المشكلة في فتح كل الشُرينات، بما في ذلك الموجودة في الدماغ مما يسبب الصداع، و الموجودة في الساقين ممايؤدي إلى تورم الكاحل. وهناك محصرة أخرى لقناة الكالسيوم (فيراباميل) قد تسبب الإمساك ويكمن أن تكون خطيرة في بعض أشكال مرض القلب. 4- مثبطات إنزيم تحول الأنجيوتسن: أمثلة على هذه المجموعة: كابتوبريل، فوزينوبريل،ليزينوبريل. تعمل هذه المجموعة بالحؤول دون تنشيط هرمون الأنجيوتنسين 2من سلفيه، الرينين و الأنجيوتنسن1، وبما أن الأنجيوتنسن2 يقلص الأوعية الدموية، تعمل مثبطات أنزيم تحويل الأنجيوتنسن على فتح الأوعية الدموية بفاعلية، مما يؤدي إلى خفض ضغط الدم. تمثل هذه الفئة من العقاقير تقدما مهما في تدبير فرط ضغط الدم. فهذه العقاقير لا تخفض فقط ضغط الدم، وإنما تحمي الكليتين أيضا عند المصابين بداء السكري وفرط ضغط الدم. و في الآونة الأخيرة، تبين أنها تؤخر أيضا استهلال الضرر الشبكي الذي يفسد الرؤية عند المصابين بداء السكري. كما توصف هذه العقاقير لبعض الأشخاص الذين شفوا من نوبة قلبية. أما التأثير الجانبي الأكثر شيوعا هو إحداثها سعالا جافا ومهيجا . قد لا تعمل هذه العقاقير كما يجب عند وصفها لوحدها لذوي الأصل الإفريقي- الكاريبي- و الكبار في السن، الذين ربما يتوجب عليهم تناول مدر بول الثيازيد أو محصرة قناة الكالسيوم في الوقت نفسه. 5- ضواد مستقبلة الأنجيوتنسن: أمثلة على هذه المجموعة: كانديسارتان، إيربسارتان. تعمل هذه المحموعة بطرقة مماثلة لمثبطات إنزيم تحويل الأنجيوتنسن، لكن بحصر مستقبلات الأنجيوتنسن 2 بدل حصر تنشيطه. ولذلك فإن لهذه العقاقير تأثيرا أكثر تحديدا في ضغط الدم، ولا تسبب تأثيرات جانبية مزعجة مثل السعال. تبين أن هذه المجموعة تخفض ضغط الدم بفاعلية وأنها آمنة على نحو لافت، إلا أنه لا توجد بعد دراسات طويلة الأمد لاستعمالها وتجري حاليا العديد من التجارب. 6- محصرات ألفا: أمثلة على هذه المجموعة: دوكسازوسين، برازوسين. تعمل هذه المجموعة من خلال حصر فعل الأدرينالين الكيميائي، في العضلات التي تؤلف جدران الأوعية الدموية. فالأدرينالين يجعل الأوعية الدموية تتقلص ويرفع ضغط الدم. لذا، فإن حصر هذه المستقبلات يرخي الأوعية الدموية ويخفض ضغط الدم. ونتيجة لذلك، فقد تسبب محصرات ألفا الدوار أيضا، ولاسيما حين تقف فجأة، لكنها عدا ذلك قليلة التأثيرات الجانبية. وتؤثر محصرات مستقبلة ألفا في أنحاء أخرى من الجسم فضلا عن ضغط الدم. فقد تبين خصوصا أنها ترخي المثانة وهذا أمر مفيد للرجال الكهول المصابين بتضخم البروستات و الذين يواجهون صعوبة في التبول. 7- العقاقير العاملة مركزيا: أمثلة على هذه المجموعة: كلونيدين، ميثيلدوبا. تعمل هذه المجموعة من خلال التأثير على جزء الدماغ الذي يتحكم في ضغط الدم، وباتت هذه العقاقير نادرة الاستعمال في الوقت الحاضر، وعلى الرغم أنها آمنة تماما، فإنها تميل إلى التسبب في التعب و النعاس وحتى الاكتئاب، خصوصا في الجرعات الكبيرة. أما العقاقير الأكثر حداثة، التي تعمل بطرق مختلفة فتكشف عن تأثيرات جانبية أقل وهي آمنة بصورة متساوية، ولذلك يستخدم الميثيلدوبا الآن عادة حين يتبين أن العقاقير الأخرى غير فعالة في خفض ضغط الدم، ومازال هذا العقار يوصف للنساء الحوامل، لأنه آمن تماما بالنسبة إليهن. 8- علاجات مشتركة: يحتاج نصف المصابين تقريبا بفرط ضغط الدم إلى تناول أكثر من عقار واحد للتحكم فيه، وهذا يعني عادة تناول أربعة أقراص كحد أقصى يوميا وفي بعض الأحيان أقل. وهناك بعض مجموعات العقاقير الأكثر فاعلية من غيرها. وعلى الرغم وجود العديد من الاستثناءات، يفضل عادة وصف محصرات بيتا ومثبطات إنزيم تحويل الأنجيوتنسن مع مدرات بول الثيازيد أو مع محصرات قناة الكالسيوم، فلا تجني غالبا الكثير من الفوائد عند جمع محصرة بيتا مع مثبط انزيم تحويل الأنجيوتنسن أو مدر بول الثيازيد مع حاصرة قناة كالسيوم، و من الأفضل استعمالين عقارين أو أكثر لخفض ضغط الدم بجرعات ضئيلة بدلا من استعمال عقار واحد بجرعة كبيرة، ويمكن تناول كل العقاقير دفعة واحدة كل يوم. و هناك أقراص عدة لخفض ضغط الدم تحتوي على عقارين مختلفين يعملان معا بصورة جيدة. المصدر: كتاب -ضغط الدم- الجمعية الطبية البريطانية . ل د. د.ج.بيفر ترجمة: جولي صليبا تلخيص: د/ سهى علوي الحبشي صيدلانية اكلينيكية بمستشفى جامعة الملك عبد العزيز بجدة.