يوم الجمعة 13 ربيع أول الموافق 18 مارس 2011 توجه جلالة الملك للشعب بكلمة مسجلة ليست في حفل ولا على ملأ، كلمة مكتوبة مقتضبة و مركزة، سبق الكلمة إعلان عنها في التلفزيون الرسمي وهو أمر غير مسبوق (سوى أن نفس الفرد المعتاد هو الذي أعلن و ربما يكون لذلك مغزى وعلى الارجح أنه بدون مغزى) فيما اعلم أو أذكر و الوقت أيضا غير مسبوق مما يدل على أن المقصود توصيل الرسالة لأكبر عدد من الناس في جميع أنحاء المملكة وهم في بيوتهم أو أماكن تجمعاتهم. وهي أيضا جاءت في وقت إضطراب إقليمي غير مسبوق وفرض واقع عالمي لم يكن محسوب له ولا متوقعا ولا في اكثر مراكز الدراسات الغربية رصانة و تأثيرو الذي يحدث الآن ربما هو النظام العالمي الجديد حقيقة وواقعا و ليس مجازا و تخرصا. تلت الكلمة مجموعة من الأوامر الملكية التي تعتبر أكبر مجموعة من الأوامر الملكية تصدر في وقت واحد منذ تأسيس المملكة و صدور أومر ملكية كلها هامة و جوهرية في وقت واحد في بلد ذو سياسة محافظة و متأنية لدرجة التأني البطيء احيانا لا يعني إلا التعبير عن الأهمية القصوى و الإستعجال في التنفيذ. شخصيا أكثر شيء أثر في نفسي هو نظرة الملك في آخرها التي قالت كل شيء في نفس رجل يحمل الخير في قلبه ،و قوله لا تنسوني من دعاؤكم ولم يكن ذالك مكتوبا كما كان ملاحظ في الورقة التي قرأ جلالته كل حرف فيها حتى السلام. و يبشر أبو متعب سيدعو له كل محب للخير بأن ينير الله بصيرته و يهديه لأرشد أمره و يوفقه لمرضات رب العباد و يطيل في عمره على طاعته وفي سلسلتي القادمة ساتطرق لما يخص منهجية قولوا للناس حسنا (راجع أول مقال) في الأوامر الملكية. لماذا أوامر ملكية؟؟ هذا التساؤل أهم مافي الموضوع من و جهة نظري وعلينا أن نعي تماما لماذا كانت القرارات أوامر ملكية فالكثير لا يدرك الفرق الرسمي و التنظيمي و التنفيذي بين الأمر الملكي و المرسوم الملكي و الأمر السامي و قرار مجلس الوزراء. فالامر الملكي هو و ثيقة رسمية مكتوبة تفصح عن إرادة الملك المباشرة و المنفردة و تصدر بصيغة محددة و تحمل توقيع الملك. ولذالك يعتبر الأمر الملكي إظهار لإرادة الملك بإعتباره ملك وليس كرئيس لمجلس الوزراء فقط وهي رئاسة قد تكون بالنيابة إذ لا يعد كل رئيس لمجلس الوزراء ملكا و الأمر الملكي ليس مقيدا بالرجوع القانوني و الرسمي لجهات أو قرارات أخرى و مرجعية القرار الملكي هي سلطة الملك وفقا لما يراه مصلحة دستورية عامة بإعتباره و ليا للأمر و الأمر الملكي يعد اقوى أداة تنظيمية في المملكة العربية السعودية و أعلاها . و الشيء الوحيد الذي لا يصدر فيه أمر ملكي هو زيادة في الدين أو حذف شيء منه أو تحليل حرام أو تحريم حلال فليس ذالك لأحد بعد إنقطاع الوحي ودستوريا لا يمكن نقد الأمرالملكي إلا إن خالف شرع تدل عليه آية من كتاب الله صريحة محكمة غير مؤولة ولا متشابهة أو أمر صريح صحيح من الرسول صلى الله عليه وسلم وهما أمران إفتراضيان ذكرا من أجل الطرح العلمي إذ يكاد لا يخلوا أمر من آية من كتاب الله أو إشارة لمعنى في آية أو شرع من شرع الدين الحنيف أو تلبية لمقصد من مقاصد دين الإسلام على مذهب اهل السنة الذي هو دستور المملكة. أما المرسوم الملكي فهو و ثيقة رسمية تعبر عن إرادة الملك بالموفقة على موضوع رفع الية بطلب الموافقة بعد أن يكون سبق و عرض على مجلس الوزراء و الشورى احدهما أو كلاهما و أتخذت حياله قرارات تستلزم موافقة الملك ليصبح الموضوع نافذا قابلا للتطبيق رسميا و لذالك تكون المراسيم الملكية تكون بالموافقة على مشاريع و أنظمة و إتفاقات دولية و ما شابه ذلك. أما الأمر السامي فهو و ثيقة رسمية تعبر عن إرادة رئيس مجلس الوزراء الذي قد يكون الملك نفسه أو من ينوب عنه في رئاسة المجلس ويجب علينا ان نلحظ أن رئاسة مجلس الوزراء هي أحد سلطات جلالة الملك في المملكة العربية السعودية فكل ملك للمملكة رئيس لمجلس وزرائها و ليس كل من يرأس مجلس الوزراء ملك.أما قرار مجلس الوزراء فهو و ثيقة رسمية تعبر عن إرادة مجلس الوزراء وهي غالبا ما تكون قرارات ذات صبغة تشريعية تنظيمية تنفيذية. و القرار الوزاري هو و ثيقة رسمية تعبر عن إرادة الوزير في حدود وزارته. و لذلك علينا أن نعي تماما أن ما صدر يعتبر أقوى أداة تنظيمية في المملكة العربية السعودية و أعلاها مرتبة و ألزمها تنفيذا أمر بها الملك بلفظ الأمر الصريح و لسان عربي مبين ولا يسع أحد عدم التقيد بها ،وكلما علا شأن المسؤول التنظيمي في المملكة كان عليه ألزم أن يسمع و يطيع و ينفذ. وهذه قائمة بإرادات الملك التي وردت:- (1) الحرص على المواطنين و تقدير دورهم في بناء الوطن و إسهامهم في قيام مؤسساته (2) دعم الباحثين عن العمل ووضع حد أدنى للأجور (3) توفير اسباب الحياة الكريمة للمواطنين (4) حماية المال العام (5) محاربة الفساد و القضاء عليه (6) تطهير المجتمع من الفساد في المؤسسات و الأفراد (7) حماية المستقبل من الفساد و آثاره (8) توفير رعاية صحية شاملة و متكاملة لجميع المواطنين في ارجاء المملكة (9) حماية الجبهة الداخلية بكوادر وطنية مؤهلة و تقدير حماة الوطن (10) تقدير الفقه الشرعي المستقى من الكتاب و السنة بدون بدع أو هوى أو تطرف و (11) مرجعية الإفتاء هيئة كبار العلماء (12) تحقيق العمارة الحسية و المعنوية للمساجد (13) الإهتمام بتحفيظ القرآن الكريم (14) الدعوى إلى الله بالحكمة و الموعظة الحسنة (15) تفعيل شعيرة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر في المجتمع (16) ضبط الأسواق و مراقبة الاسعار (17) الرفع له بتقرير عن المؤسسات في القطاع الخاص ولعلنا نستطيع أن نقسم الأوامر لست مجموعات تتعلق بالفرد و مؤسسات الدولة والصحة والأمن و الدين و المجتمع و الإقتصاد وسنتطرق لكل مجموعة على حدة في سلسلة المقالات القادمة بعون الله ورجائي ان لا ننسى أن الأمر الملكي اقوى أداة تنظيمية في المملكة العربية السعودية و هو مفهوم حيوي جدا وهام و يجب أن لا يفوت على أي أحد ولا أستطيع التنبيه على أهمية القضية اكثر من هذا (I can not emphasize it any more) و سيكون طرحي موضوعيا بعون الله و دعواتكم.