في أمسيتين متتاليتين أنهيت قراءتي للكتاب الماتع الذي ألفته الزميلة الدكتورة سامية العامودي عن تجربتها في مواجهة سرطان الثدي. إنه كتاب ألفته إنسانة صاحبة رسالة وإيمان بالله وقدره. عزمت على أن تنشر رسالتها على الملأ حتى يتنبه النساء لمشكلة سرطان الثدي، فخرجت تعلن على الملأ أنها أصيبت بهذا المرض الخبيث.. ويا نساء العالم تنبهن. يمكنكن الوقاية من مضاعفات سرطان الثدي لو أنكن حرصتن على الفحص المبكر الدوري. في عام 2006 اكتشفت الدكتورة سامية عرضا وبدون سابق إنذار أنها مصابة بسرطان الثدي. وبعد أن مرت بفترة أيام من الألم والحزن قررت أن تعتبر أن إصابتها بالسرطان رحمة من الله، وأن عليها أن تنظر إلى نصف الكأس المليء بدلا من نصفه الفارغ، وماذا لو استفادت مما ألم بها للمصلحة العامة، ولإيقاظ عقول بقية نساء العالم لأهمية الفحص المبكر للثدي تفاديا للإصابة به أو بمضاعفاته. أول قرار اتخذته هو مكاشفة صغيريها عبدالله وإسراء، ومنهما انتقلت إلى المحيطين بها ثم جعلت عملية التوعية بالمرض لكل المجتمع قضيتها الأولى. تقول الدكتورة سامية: «وأذكر عند بداياتي أن بعض الزملاء كانوا يعجبون مما أقوم به، فأحدهم يتساءل عن جدوى ما أعمل، وآخر يسخر لأني أقوم بتضييع وقتي في محاضرات توعية هنا وهناك.. كرست وقتي وجهدي وتفرغت للقضية التي اعتبرتها رسالة عمري ما حييت، فتركت عشقي الأول (طب النساء والولادة) لأتفرغ لهذا العمل، بل وتركت العمل في عيادتي الخاصة (مصدر دخلها) لأني شعرت بأني أمام مسؤولية شرعية، وطبية، وإنسانية، فتفرغت لقضيتي حتى لا تقع امرأة في المعاناة مثلي في ظل سياسة التعتيم تجاه هذه القضية، وضعف الوعي بأهمية الفحص المبكر، وفي ظل ارتفاع نسبة الحالات المتقدمة في السعودية. بكل شفافية تحدثت طبيبتنا العزيزة عن تجربتها في الزواج والطلاق، وإنجابها عن طريق «أطفال الأنابيب»، وقضيتها مع الحجاب والنقاب، واعتزازها بجميع من علموها أو كان لهم بعض الفضل عليها. حازت الدكتور سامية على جائزة وزارة الخارجية الأمريكية لشجاعة المرأة عام 2007 م. وفي مسيرتها لنشر الوعي بسرطان الثدي التقت بالمغفور له الملك عبدالله بن عبد العزيز، والرئيس الأمريكي بوش وحرمه، ورؤساء دول. وتبرع الشيخ محمد حسين العامودي بإنشاء مركز للتوعية بسرطان الثدي فرأسته. أتمنى مخلصا للزميلة الدكتور سامية المزيد من التوفيق وأن يحذو غيرها من الزملاء الأطباء والطبيبات والمشتغلين بالقضايا الصحية حذوها في التوعية من الأمراض ومضاعفاتها. بقلم د.زهير أحمد السباعي