أعلن مقر عملي في موقعه الإلكتروني وبصحيفة يومية شهيرة عن وظائف صحية تبدأ من إستشاري وتنتهي بالسكرتارية الطبية وقدر لي كمسئول عن التخطيط والتطوير برئاسة لجنة لإختبار ومقابلة الوظائف المساعدة بدءاً من أخصائي أو فني إدارة صحية مروراً بفنيي السجلات الطبية وانتهاء بالسكرتارية الطبية وحيث أن المسجلين للتقدم لهذه الوظائف تعدوا المئات وكان جلّهم من خريجي كليات المجتمع والمعاهد الأهلية ، ولقد هالني من الفزع مارأيته من تدني المستويات رغم أن بعض الشهادات تذكر في تخصصها كلمة " العلوم التطبيقية" وقد كنت أعتقد أن الممارسة العملية لديهم تغلب الجوانب النظرية فما تقرأه تنساه لكن ماتمارسه يبقى عالقاً بذاكرتك ويصقل مهاراتك، وقد إستندت وزملائي في معايير الإختبار على ذلك فبدأنا بقائمة أسئلة وإختبارات في المعلومات الصحية العامة المرتبطة بالتخصص وبمهام العمل المتقدم لها وتشمل بعض التعريفات والمصطلحات البسيطة ونظام العمل بالمنشآت الصحية وأدوات العمل وإجتهدنا على أن تكون في صورة إختيار الإجابة الصحيحة عوضاً عن الكتابة وبالعربية غالباً حتى تسهل على من مرت عليه المعلومات ولو مر الكرام ، ثم حددنا إختبار عملي على الحاسب كسرعة الكتابة والمقدرة على تنسيق النصوص والإلمام بأبجديات بعض البرامج التطبيقية المستخدمة في القطاع الصحي وإجراء بعض الإحصاءات البسيطة وهي أقل مايمكن أن يتوفر في المتقدمين لهذه الوظائف ممن درس هذه التخصصات ويحمل هذه الشهادات وبطاقة الهيئة السعودية للتخصصات الصحية أيضاً ، ثم كان آخر ذلك المقابلة الشخصية من أفراد اللجنة للمتقدمين للتعرف على جوانب شخصية المتقدمين من مهارات التواصل والمقدرة على المشاركة في حل المشكلات علاوة على معلومات المتقدم عن المكان الذي تقدم للعمل به ومجال خدمته ونوعية مرتاديه من المرضى والمراجعين. وقد كنت وزملائي في حيرة من أمرنا فبقدر تعاطفنا مع المتقدمين ليحصلوا على فرص للعمل واكتساب الخبرات نجد تجاهنا مسئولية توافر الحد الأدنى من القدرات لدى من يقع عليهم الإختيار نظراً لحاجة المنشأة لذلك في ظل نقص الكوادر وضغط العمل ووجوب تواجد حد أدنى من جودة الخدمة المقدمة. ذكّرني هذا بقرار معالي وزير الصحة بقصر توظيف الممرضين على من يحملون درجة البكالوريوس للعمل بوزارة الصحة وما رأيناه من مستوى غالبية فنيي التمريض خريجي المعاهد في السنوات الأخيرة ونازعتني نفسي بين حق هذه الفئات في في العمل واكتساب الخبرات وبين متطلبات العمل التي لاترحم في ظل الإتهامات الموجهة لمقدمي الخدمات الصحية ومواثيق العمل مع صحة الإنسان، ووجدتني أتهم سوء التخطيط عند إنشاء هذه المعاهد والكليات وغياب تطبيق الضوابط الصارمة ( ربما هي موجودة لكنها لاتعدوا حبراً على ورق) لمنهجية التدريب التي مر بها هؤلاء الخريجين – وأعتبرهم ضحايا – فقد انحرفت من واقع التدريب لمجرد التلقين للحصول على الشهادة وغياب الإلتزام من منطلق أنهم يدفعون رسوم الدراسة فهم مصدر الدخل الذي يجب ألا نجعلهم يتذمرون ، أضف إلى ذلك ممارسات بعض القائمين على تدريب بعض المناهج وهمهم التربح الشخصي فالراتب غير مجزي في نظرهم ولايكفي – ولن أتحدث عن مؤهلات بعضهم فحدث ولا حرج – وينتهي الأمر بغياب المراكز التدريبية بالمنشآت الصحية التي تقدم لهم التدريب الفعلي – فكل مشغول بعمله أو غير مؤهل للتدريب – فتراهم يطلقون إما دون رقابة وإما يتم تغطية العجز بهم في مواقع يغلب عليها طابع غير مفيد من جلوس على مكاتب وردود على الهواتف ومراسلات لهذا وذاك فتمر مرحلة التدريب دون أي تطبيق فعليّ وربما لم يغادروا مكتب واحد ولم يتعرفوا على المنشأة وخدماتها ولم يكتسبوا أي مهارة في تخصصهم – وهذا ليس ذنبهم أيضاً- وفي النهاية تكتب لهم تقارير الأداء وشهادات التطبيق والخبرة بعكس ماتم بغية استكمال المسوٍّغات فقط . ومع ذلك فأنا لست مع حرمانهم الكامل من الوظيفة ولا مع أن تغلق هذه المعاهد والكليات فالحاجة للمؤهلات المتوسطة ذات الطابع التطبيقي تظل ملحة وأسرع تخرًّجاً وأقلّ تكلفة. فرصة للتحسين: • إدراج طابور الخريجين العاطلين من هذه التخصصات في برامج تدريب عملي يتم بناء على تصنيف الإحتياج ويتم إعادة تصنيفهم بمبدأ " التأهيل والتميز" على أن يقوم صندوق من وزارة العمل بدفع رواتبهم طوال فترة التدريب ومن يجتاز يدخل مسابقات الوظائف الثابتة في جميع القطاعات. • يعاد تقييم أداء المعاهد دورياً وتكليف خبراء مستقلين ولو بالعمل الجزئي لتقييم مراحل التدريب واختبار الطلاب دون تدخل من المعاهد نفسها أو منسوبيها – ولا تقولوا الهيئة السعودية للتخصصات فهي ترزح بالأعباء واختباراتها تقليدية حفظها خريجي المعاهد عن ظهر قلب من خلال تبادلها في الإنترنت وعبر بعض مدرسي المعاهد الخاصة على غرار الدروس الخصوصية عوضاً على أنها تخلوا من الجانب العملي. • إقتصار برامج كليات المجتمع على الدورات التطويرية حتى لاتصبح بوابة خلفية للشهادات الجامعية أو تحويل برامجها إلى برامج تطبيقية فعلية بالتعاون مع المنشآت الصحية وتطبيقها بصرامة أكثر. • إعتماد برامج التجسير لمن هم على رأس العمل حالياً من الخريجين ليتسنى لهم رفع مستواهم بجرعات تدريبية عملية أكثر في محتواها. • إعتماد مسميات وظيفية تتواءم مع الخريجين الأقل كفاءة مثال مساعد ممرض وكاتب جناح بمرتبات أقل للفئة المتبقية ممن لم يستطيعوا التطوير من مستوياتهم حتى نقيهم ذل السؤال وسيف البطالة وأمور أخرى . *استشاري طب المجتمع