الحنجرة، ذلك العضو الغضروفي الواقع في مقدمة الرقبة، له دور كبير في عملية التنفس والكلام وحماية الجهاز التنفسي كان للأطباء المسلمين الاوائل دور كبير في دراسة تركيبها واكتشاف وظائفها، وهذا ساعدهم على فحصها وتشخيص ما بصيبها من أمراض،وارتبطت اسماؤهم بعديد من الاكتشافات في التشريح والوظائف والامراض التي تصيب هذا ا لعضو، ويكون هدف هذا البحث هو ابراز الدور الكبير الذي لعبه الطب الإسلامي في تقدم دراسة الحنجرة، وعلاج أمراضها. مقدمة: لقد كانت الحنجرة موضع اهتمام الإنسان منذ القدم، فوجودها في رقبته وتحركها أمام عينيه، ولمسها بيديه، بجانب الشعور بها عند التنفس، والبلع والكلام جعلها موضع الفحص والدراسة عبر جميع العصور. لقد ارتبط بروز الحنجرة في أعلى الرقبة من الأمام بالاساطير والخرافات، حيث كان الاعتقاد أن سيدنا آدم- أبو البشريه- لم يستطع ابتلاع قطعة التفاح التي أعطتها له حواء، فتوقفت في حلقه وبرزت في مقدمة رقبته، ومن هذا سمى بروز الحنجرة "تفاحة آدم " وما زال هذا الإسم شائع الاستعمال في كتب التشريح حتى الآن (1). لعل ارتباط حركة التنفس الطبيعية بالحنجرة، والشعور بالاختناف عند مرضها وملاحظة الانفاس المتقطعة خلالها، وخروج النزع الأخير للحياة من بين أحبالها ما جعلها العضو الاخير الذي تصل اليه الروح عند مفارقتها للجسد مشارا إليها في قوله تعالى: "اذ جاءوكم من فوقكم، ومن أسفل منكم، واذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر، وتظنون بالله الظنونا" (33/10). ولهذه الاهمية يتجه الإنسان إلي حنجرة عدوه عند القتال، ليضربها بسيفه أو يقبض عليها بيديه، وأصبحت عقوبة الاعدام عند كثير من الدول تنفذ بالشنق أو الخنق على هذا العضو الحيوي، فتنتهي الحياة في دقائق قليلة. ان ارتباط الطب القديم في عهد المصريين القدماء- إلى حد ما- بالسحر والاساطير، لدرجة أنهم قد اتخذوا الها للطب (أمحوتب) (3). وأيضا استمرار ذلك في طب الفرس والبابليين في قانون حمورابي الذي استلمه من إله الشمس (181)، وفي طب اليونان الذين كان عندهم إله للشفاء اسمه (أبولك (3) مماجعل معلومات الأطباء القدامى ناقصة ومشوهة عن هذا العضو الهام. إن كان تشريح الحنجرة قد نال اهتمام جالينوس اليوناني (131- 201 م)- وبولس الايجانيطي (625- 690) (3)وهما من علماء مدرسة الطب القديمة بالاسكندرية، الا ان تفاصيل تشريحها ودراسة وظاثفها لم يستكمل الا على ايدي الاطباء المسلمين، فلقد جاء ذكر تركيبها في كتاب "خلق الانسان " لابن ابي ثابت من علماء القرن الثالث الهجري (4)، وكتب بدقة وأكثر تفصيلا في كتاب "القانون " لابن سينا في القرن الرابع الهجري وكتب في كتب ابي القاسم الزهه اوي وابن زهر به فى ذلك في الاندلس (6) وكثيرين غيرهم، بالرغم من انهم لم يمارسوا التشريح البشري كما فعل جالينوس 4 الا انهم درسوا تركيب اعضاء الحيوانات، وأجروا التجارب عليها، واستفادوا من تشريحها ودراسة اعضائها. وعنده! جاء الاسلام، أوقف الخرافات والاساطير عند حدها، وأبعد عن الطب الكثير مما دخله من دجل وشعوذة، و3 ن قول الرسول قاطعا في هذا المجالس "لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر، وفرمن المجنوم كما تفرمن الأسد" (99)، ودعا المسلمير) للتداوقي والتطبب بقوله: " ما أنزل الله داء الا أنزل له شفاء" (100)، فتحرر الطب الاسلامي من القيود، وتقدم بسرعة نحو الازدهار، ش ت صدق عليه قول "نيكلسون " وما امتشفات اليوم لتحسب شيئا مذكورا ازاء ما نحن مدينون به للرواد الصبر الذين كانوا مشعلا وضاء في القرون الوسطى المظلمة في اوروبا (6). تشريح الحنجرة ودراسة وظائفها: اذا رجعنا الى ما قدمه ابن ابي ثابت من أوصاف وأسماء للحنجرة وما يجاورها من أعضاء في كتابه "خلق الانسان " (1) نجد ثروة لغوية كبيرة، ومصطلحات علمية دقيقة، تحدد أجزاء الفم والحلقوم واللسان والحنجرة والبلعوم والمريء، وكلها أفادت في تعريب المصطلحات العلمية الأجنبية في القرون اللاحقة، أما وصف ابن سينا للحنجرة فقد فاق كل ما قبله في الصحة والدقة، حيث أعطاها صورة تشريحية لا تفترق كثيراً عما نعرفه اليوم عنها، حيث وصف غضاريفها وعضلاتها والأربطة التي تضمها، وتعرض لوظائف كل جزء منها، عند الكلام، والتنفس والبلع وغير ذلك مما يعرف في يومنا هذا بعلم وظائف الأعضاء (1). وإن كان الصوت هو إحد وظائف الحنجرة الهامة، فلقد حظي بالدراسة الدقيقة من الباحثين المسلمين، فنجد عالم اللغة والنحو الأندلسي " ابو الحسن علي بن اسماعيل- الشهير- بابن سيده " (8)، يتكلم عن أصوات الكلام والغناء فيعدد أوصافها ودرجاتها وطبقاتها، ويثرينا بتقسيماته عن النغم والشدو والهزمجة والرنين والترجيع، والصوت المطرب، والحزين والشجي "وفيها كثير مما تتناوله الدراسات العلمية الحديثة. أما ما جاء في رسائل إخوان الصفا (9)، عن الاصوات وتقسيماتها ومصادرها وأنواعها فيكاد يكون قمة في الإعجاز العلمي المتقدم، فلقد تكلمت عن تعريف الصوت وصفاته وانتقاله في الهواء، ثم عرفت الغناء والألحان وأنواعها. واذا قرأنا في كتاب "الموسيقى الكبير" للفيلسوف الفارابي- المتوفى سنة 339 ه (10)، الذي خصص معظم اجزائه لشرح اصول صناعة الموسيقى نظريا وعمليا نجده يختتم هذا الكتاب بمقالة عن الاصوات وانواعها. فحص الحنجرة وتشخيص امراضها : لقد ابتكر الاطباء المسلمون كثيرا من التخصصات الطبية، فكان منهم الباطنيون والجراحون والاسنانيون والكحالون (اطباء العيون) والمجبرون للعظام والمطببون للجنون، والمتخصصون في امراض النساء (6)"، ولكن لم يظهر عندهم تخصص الانف والاذن والحنجرة، الذي عرف في أوروبا حديثاً جداً في اوائل القرن التاسع عثر، ولذلك كان الاطباء الباطنيون والجراحون هم الذين يقومون بالكشف على الحنجرة وعلاجها. لفد بلغت بهم الدقة في الفحص والتشخيص قدراً كبيراً، في وقت لم تكن فيه فحوص الأشعة السينية والمعامل والمناظر قد ظهرت، فلقد كان في استطاعة الاطباء المسلمين من أمثال الرازي (0 85-923 م) والطبري (770- 0 85 م) وابن سينا (80 9 37 10م) والزهراوي (936- 13 0 1 م) وابن زهر (092 1- 162 1) تشخيص كثير من امراض الحلق والحنجرة بالفحص المباشر بالنظر وبالتحسس بأصابع اليد، فلقد كانوا يدخلون الأصبع داخل الفم لتحسس أجزاء الحنجرة وأحبالها الصوتية ومعرفة ملمسها وسطحها وحركة أجزائها (شكل رقم 2). وبلغوا في ذالك غاية الدقة، حيث كانوا تادرين علي تشخيص كثير من الأمراض، حتى تلك النادرة الحدوث مثل شلل الأحبال الصوتية والأورام المختلفة، ولقد جاء وصف، ذلك بتفصيل كبير في كتاب (التيسير) لابن زهر( 11). ولقد خصص الطبري مقالة كبيرة كاملة في كتابه "فردوس الحكمة" (11) في شرح أمراض الحلق والحنجرة والصدر، وعرض فيها كثيرا من التفاصيل المرضية، أما ابن سينا فلقد خصص الجزء الئالث من كتاب القانون لشرح كثير من أمراض الأعضاء ومن بينها الحنجرة، وبلغ به الإعجاز العلمي قدراً كبيراً، حيث قدم عرضا مفصلا لأول مرة في تاريخ الطب، للاختناق واسبابه، وشرح أعراضه وعلاماته وعلاجه، وتكلم عن السعال وأنواعه وأسبابه، والبصاق ومصادره وأسبابه، وكلها معلومات ما زالت تستخدم في الطب حتى الآن (6). علاج أمراض الحنجرة: عرف الأطباء المسلمون كثيرا من الأدوية والمستحضرات الطبية التي تستخدم في علاج امراض الحنجرة، وهي مجموعات من النباتات الطبية والعقاقير المعدنية والمستحضرات المركبة، والتي ما يزال بعضها يستخدم بكفاءة حتى الآن، فلقد عرفوا استنشاق الأدوية والأبخرة والدهانات واللبخ والغرغرة والمكمدات الباردة والدافئة كما كانوا يستعملون الكي والحجامة والفصد في بعض الحالات. ولعل أكثر الكتب تناولا لعقاقير وعلاجات الحنجرة هو كتاب "التصريف " للزهراوي، الذي خصص المقالة الثامنة عشر للسعوطات والقطورات والبخورات والدرورات والغراغر، والمقالة الحاديةوالعشرين للسنونات وأدوية الفم والحلق والمقالة الثامنه، والعشرين لأدوية الصدر والسعال (6). جراحة الحنجرة: كانت، الجراحة- في بداية الأمر- عند الأطباء المسلمين تسمى "صناعة اليد" ولم تكن علما مستقلا، حيث كانت من جملة صناعة، الحجامين، الذين يقومون بالكي والفصد والبتر، ولكن عندما تقدم الطب الإسلامي، تقدمت معه الجراحة حتى وصلت أوجها على يد أبي القاسم الزهراوي في الأندلس في القرن العاشر الميلادي في وقت لم تكن أوروبا تعرف عن الجراحة شيئا، وبلغ الأمر من تحقير شأن الجراحة وإهمالها أن مدرسة الطب في مونبلييه بفرنسا ألغت دراسة الجراحة ومنعت مزاولتها في القرن السابع عشر(12)، وذلك عندما اكتشف الطبيب الفرنسي "لانفرانك " جهل الأطباء الفرنسيين وتأخرهم، حين قرأ كتاب الزهراوي وأعجب به، ثم كتب رأيه الذي اتهم فيه كل أطباء فرنسا بالجهل والتأخر، وقال : إنه لا يوجد فيهم جراح واحد عالم بصنعته (6). وحيث، أن إجراء العمليات الجراحية يحتاج للتخدير العام أو الموضعي لمنع الألم، فلقد قدم الأطباء المسلمون الكثير من العقاقير والوسائل المبتكر ة لتخدير المرضى. لقد استخدموا الأفيون في التخدير، بعد أن كان من سبقهم من الأطباء يستخدم الخمر وهي محرمة في الاسلام، ثم تجاوزوا هذه المرحلة ووصلوا إلا اكتشاف عديد من النباتات المخدرة، ثم ابتكروا لاول، مرة في العالم طريقة التخدير بالاستنشاق حيث كان الطبيب الأندلسي ابن زهر، يخدر مرضاه بالاسفنج المنوم، الذي كان يغمر في مواد عطرية ومنومة مثل الزوان والأفيون والشيلم والسيكران (3)، ثم يجفف ويحفظ، وعند الاستعمال/يبلل ويوضع على الأنف والفم للتخدير، وكان أول من وضع مبادىء التخدير العام بواسطة الاستنشاق. وعندما تعلم أطباء الغرب هذه الوسيلة، وأضافوا إليها استنشاق بعض الغازات التي اكتشفوها بعد ذلك مثل الايثير والكلوروفورم، نسبوا فضل اكتشاف هذه الطريقة لأنفسهم، واعتبروا هيكمان (1824) ولونج (1841) وويلز (1845) الاوائل في هذا المجال، ثم احتفلوا في سنة 1896 باليوبيل الذهبي لمرور خمسين عاما على اكتشاف التخدير بالاستنشاق، ونسوا اكتشاف الأطباء المسلمين وجهدهم الكبير في التخدير (13). وقبل إجراء العمليات الجراحية لا بد من التعقيم والتطهير، وفي هذا المجال كان المسلمون أول من اكتشف الكحول،، استعملوه لتطهير الجروح والعمليات، وكانوا أول من ابتكر تحمية الآلات الجراحية على النار- قبل استعمالها- ضمانا لنظافتها وكفاءتها، وبهذا اقتربوا كثيرا من اكتشاف الميكروبات (11) " . ولخياطة، الجروح والعمليات بطريقة سليمة، ابتكر الرازي (850- 923 م) خيوط الجراحة المسماة "بالقصاب "، فكان أول من استعملها، وما زالت تستخدم بكل كفاءة وقدرة في كل العالم حتى يومنا هذا (6) " (14) (15) ولإجراء العمليات الجراحية المتنوعة، ابتكر الأطباء المسلمون العديد من الآلات الجراحية، وقدم الزهراوي ،وابن زهر المثات من الآلات الجديدة، ووصفوها ورسموها في كتبهم لتكون في متناول من يأتي من بعدهم (6). لقد كان علاج الاختناق الحنجري وجراحته من أهم المنجزات الرائعة للأطباء المسلمين، فمرض في مثل هذه الخطورة استحق منهم الاهتمام الكبير، لذلك أعطانا ابن سينا- جزءا كبيرا من جهده، وفاجأ العالم باختراعه لأنبوبة القصبة الهوائية، التي كان يصنعها من الذهب أو الفضة، ويدخلها عن طريق الفم إلى الحنجرة، لانقاذ مرضى الاختناق، وبهذا اصبح له السبق العلمي الاول في تاريخ الطب، وأصبحت طريقته هذه تستخدم حتى اليوم بكل كفاءة ونجاح. فما زال أطباء الأنف والأذن والحنجرة يستخدمونها لانقاذ مرضى الاختناق، وأطباء التخدير يستعملونها لتوصيل الغازات المخدرة والاكسجين إلى صدر المريض، ولو أنها تصنع الآن من المطاط أو البلاستيك ولعل هذا ما جعل طبيبا معاصرا هو الدكتور/ سيرسر، من يوغوسلافيا يقرر بكل صدق " أن ابن سينا هو واحد من أكبر الأطباء في كل العصور، وانه مع الزهراوي وابن زهر يكونون أركان هرم الطب الإسلامي (16). والغريب أن يغالط أطباء الغرب في تاريخ الطب وينسبوا فضل هذا الاختراع الكبير إلى أطبائهم ويدعوا أن ماك ايوين وايزنمنجر هما المخترعان لتلك الأنبوبة سنة 1847 (13). اما عملية شق الحنجرة أو القصبة الهوائية، وهي البديل الثاني لانقاذ حياة مرضى الاختناق، والتي تعتبر واحدة من أقدم العمليات الجراحية التي ابتكرها العقل البشري في كفاحه ضد هذا المرض، فلقد عرفت لأول مرة في التاريخ في عصر قدماء المصريين (16) ثم سجلت كتابة على يد الطبيب اليوناني "اسكليبيادس "- (124-56 ق م) وبعده بحوالي مائة سنة جاء "أريطس " (81-138 م) فكتب عن فوائد هذه العملية ومزاياها ثم تلاه انتيلوس (سنة 50 ام) فوصف العملية بدقة كبيرة، ولكن مع كل ذلك كانت العملية خطيرة ونسبة الوفاة بعدها كبيرة لذلك اعتبرها الأطباء والحكام عملا إجراميا يجب أن لا يقدم احد على عمله فأهملها الأطباء وانصرفوا عن إجرائها. الى أن جاءت النهضة الاسلامية الكبيرة، وبرز الأطباء المسلمون وأعادوا للطب ازدهاره، وما أن جاء أبو القاسم الزهراوي، حتى انصرف الناس عن كتب أبقراط وجالينوس بولس الايجانيطي، واتجهوا إلى كتابه المسمى "التصويف " الذي كتب فيه في الفصل الثالث والأربعين عن الاختناق وعمليته بتفصيل كبير ثم تلاه ابن زهره فطور هذه العملية نحو مزيد من الإجادة والكفاءة وساعده في ذلك اتجاهه للطب التجريبي، حيث أجرى هذه العملية على الماعز وتابع تطورها والتئابها وأثبت لاول مرة ان غضاريف القصبة الهوائية يمكن ان تلتئم تماما بعد شفاء جرح العملية، وأصبح كتابه "التيسير" المرجع الكبير في إجراء هذه العملية حتى قال عنه معاصروه إنه أقرب الأطباء العرب من أبقراط في تفكيره وأسلوبه (6). وظلت هذه العملية تجرى بعد ذلك في كل دول العالم بأسلوبه وطريقته حتى القرن الثامن عشر، وبعد ان تطورت في بعض خطواتها فإنها ما زالت حتى اليوم تقوم على نفس الفكرة والمبدأ الذي عرفه الأطباء المسلمون. والتاريخ الحديث يعطينا مثلا حيا للتدليل على كفاءة ومقدرة الأطباء المسلمين الذين سيطروا على التقدم الطبي لاكثر من خمسة قرون، وانتقل منهم هذا التقدم إلى أوروبا من بعض المنافذ في الأندلس وصقلية وفلسطين، فساهم في ظهور النهضة الاوربية الحديثة، أما أطباء امريكا الذين لم يكن لهم احتكاك مباشر بالمسلمين وأخذوا علوم أوروبا عندما هاجروا منها، إلى أمريكا في القرن الخامس عشر فإنا نجدهم أقل كفاءة ومقدرة، فعندما مرض رئيس جمهوريتهم الأول- جورج واشنطون وأصيب بالاختناق يوم 14 ديسمبر سنة 1799 لم يستطع طبيبه الخاص، ولا الأطباء الذين استدعوا على عجل، ان ينقذوه بعملية شق القصبة الهوائية ولا بأي إجراء آخر ومات مختنقا بعد يوم واحد من بداية مرضه (17). خاتمة واستنتاجات : تميز الطب الإسلامي بالاعتماد على التجربة والخبرة الشخصية والبعد عن الخرافة والأساطير، ولذلك استمر وجوده حتي اليوم، وكون القواعد الاساسية لكثير من مدارس الطب المعاصرة، فان استعراضنا لعضو واحد من جسم الانسان وهو الحنجرة لبيان ما أضافه الاطباء المسلمون للطب، فيما يتعلق بتركيبها وطرق فحصها وتشخيص أمراضها وعلاج كل ما يصيبها من أمراض، نقدمه كمثال، يصور ما أضافه وابتكره علماء الاسلام في مجال الطب، والخدمة العظيمة التي أدوها فيه للبشرية. ولئن نالت باقي أعضاء جسم الإنسان، نفس البحث والتحري، فإنه من المتوقع أن تكون لدينا حصيلة علمية كبيرة، توضح الدور الكبير الذي لعبه الأطباء المسلمون في هذا المجال. فالاكتشافات العديدة والابتكارات الجديدة التي أضافها الأطباء المسلمون فيما يتعلق بفحص الحنجرة وعلاجها وإجراء عملياتها، تحتاج منا لمزيد من الجهد لتسجيلها، واثبات نسبتها اليهم، ودحض افتراءات وأكاذيب بعض الحاقدين الذين نسبوا هذه الاكتشافات لأطباء الغرب. ولا أجد كلمة أختم بها هذا البحث، أجمل من كلمة صدق وإخلاص قالها الطبيب الاوروبي "دي بور" في تقييم الأطباء المسلمين وتقديرهم حيث يقول: "كان الطب معدوما فأوجده أبقراط، وميتا فأحياه جالينوس، ومشتتا فجمعه الرازي، وناقصا فأتمه ابن سينا" (10) . *** دكتور/ مصطفى أحمد شحاتة مصر