تتناول هذه المقالة مساهمة الاسلام وتراثه في مجالات الجراحة الحديثة، ويمكن- عموما- تقسيمها الى أقسام ثلاثة: 1 الإلهام 2. المصادر 03التأثير الالهام ان القوة الدافعة والمحركة الرئيسية في الطب الاسلامي تأتي من القرآن الكريم، ومن تلك المتوارثات التي أخرجت الطب من غياهب ظلمات الجهالة والخرافات وأكسبته قدما راسخة وحولته علما شامخا. وقد احتلت العلوم الطبية مكانة بارزة ضمن فروع العلوم المختلفة وتبلورت القوة الدافعة في قوله تعالى: (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً ) (5 / 32) . وعندما تاه الفكر اليوناني في سبات الظلام والتحلل احتفظ العرب بكنوز المعرفة وحافظوا عليها، بل ترجموها الى لغتهم مضيفين اليها مساهماتهم الفعالة ومشاركاتهم القوية وانجازاتهم القيمة، واداروا شعلة المعرفة إلى أوروبا التي كانت تتخبط في " عصور الظلمات " وطبقا لما أورده السيد وليم اسلار" "ان المهنة الطبية وصلت بينهم (العرب) إلى مكانة من الاحترام والأهمية يصعب موازاتها ني التاريخ بأكمله ". ولم يكن اليونانيون هم المساهمون الوحيدون في الجراحة بأي حال من الأحوال، فالجراحة في الهند قديما كانت متقدمة جدا في التجريب منطقية الاعتبار، معقولة الابتكار، تجيد استعمال الآلات والأدوات وتلك لا جدال "لها تأثير على الجراحة العربية". وقد شاركت في هذه النهضة عقول مسلمة وردت من فارس رالعراق وسورية ومصر واسبانيا والهند وقدمت مساهماتها العظيمة للطب الاسلامي مما أضفى عليه صبغته العالمية وضمن له الاستقرار من قرطبة حتى دلهى. وقد فتحت ولادة أبي بكر محمد بن زكريا الرازي (856- 925 ه) مجالا جديدا في الطب الاسلامي وجراحته وتوجت ا لفكر الاسلامي في هذا التخصص. ومؤلفه كتاب " الحاوي في الطب " يعتبر بجدارة أعظم عمل طبي كتب منذ القدم من أي عالم في الطب، تناول فيه الامراض من قمة الرأس حتى اخمص القدم وضمنه أيضا بعض العلوم الاساسية مثل وظائف الاعضاء والتشريح والأقرباذين. وقد كتب الرازي عن كل مرض اقوال قدامى اليونان والفرس والهنود ومؤلفين آخرين وختم كتاباته بملاحظاته وخبراته. ولم يكن الرازي مقلدا أعمى ولا ناقلا أصم لمن سبقوه فعمله "الشكوك على جالينوس" لا مراء يعتبر أعظم عمل طبى وجراحي ظهر في وقته . وبعدها بخمسين عاما ظهر على المسرح عملاق آخر في شخص علي بن العباس المجوسي (994 ه) وعمله "الملكي "بقي ا المرجع الثابت والسند الاكيد في الطب الاسلامي لما يقرب من قرن من الزمان. ويتكون هذا الكتاب من 20 مجلدا شغل التثريح منها مجلد 2، 3 أما المجلد التاسع عشر فقسم الى 110 فصول تتناول الجراحة تفصيلاً . أما ابو القاسم بن عباس الزهراوي الأندلسي (912- 013 ا) فقد كان أعظم جراح في العالم الاسلامي ومخطوطه " كتاب التصريف لمن عجز عن التأليف " اعتبر مرجعا مدرسيا في العالم الاسلامي واوروبا على السواء وتمت ترجمته إلىاللاتينية في القرن الثاني عشر وظل الى قرابة قرن من الزمان اساس الجراحة ان لم يكن مرجعها الرئيس الموثوق به في اوروبا (الموسوعة البريطانية) . وحسبما يقول سكوت "ابو القاسم كان مبتكر الجراحة الحديثة" بينما يقول جودي شاولياك عن أبي القاسم "كان ضمن المحتفي بهم من جراحي القرن الرابع عشر" ورفعه الى منزلة هيبوقراط وجالين. ويعتبر كتابه في الجراحة أول كتاب نشر في الجراحة يحتوي رسومات تفصيلية ووسائل توضيحية. والشيخ الرئيس ابو علي حسن بن عبد الله بن سينا، لا شك أنه اسم آخر عظيم في تاريخ الطب الاسلامي،فقد شهدت مدينة بلخ (الآن في افغانستان) مولده في 980 كأعظم معلم وأكبر استاذ في الطب. وكتابه الشهير "القانون في الطب " يعكس عبقرية مؤلفه الى اليوم الذي لم يتفوق في الطب فقط بل كان استاذاً في الفلسفة والرياضيات والمنطق والموسيقى، العقيدة. ويمكن الحكم على أهمية هذا الكتاب وتأثيراته الفائقة على الغرب بأنه تمت ترجمته وطباعته 16 مرة باللاتينية والعبرية خلال ثلاثين عاما فقط من القرن الخامس عشر ووصل الطب بابن سينا الى ذروة نهضته وقمة تقدمه، وتوفي ابن سينا عام 1037. واستكمل بعده خلال القرن الثاني عشر حوالي 400 عالم شهير من الاطباء والجراحين المسلمين و"يجدر منهم بالذكر : ابن زهر (1113- 1162) والذي أقام كتابه "التيسير" على المشاهدة والتجريب وخالف فيه بشجاعة جالين وابن سينا. ولم يكن ابن زهر مؤلفا نظريا فقط بل كان جراحا عمليا وتعليماته لها كبير الأثر ليس على الشرق فقط بل على اوروبا ايضا. وابن رشد (1199)، والذي يعرفه العالم اليوم كفيلسوف كبير ومفكر قدير، كان ايضا جراحا عظيما وطبيبا شهيرا وحافظا جيدا. للتشريح، وحسبما قال عن نفسه ان معلوماته عن الجسم البشري "قوت وأوضحت ايمانه بعظمة الخالق ". ومن الأعمال العظيمة في الجراحة الاسلامية كتاب "العمدة في صنعة الجراحة" والذي ألفه أمين الدولة أبو الفرج ابن القف ( 233 1- 286 1) الذي اتصف بإلمامه بالتشريح بجوار الجراحة، وكتابه المذكور اشتمل على 0 2 مقالة خصصها للاصابات وفيها 39 بابا. أما مقالته عن الجراحة ففي رقم 9 1 واشتملت على 34 بابا ناقش فيها المشاكل الجراحية وعلاجاتها من الرأس إلى القدم. التأثير كيف وصل الطب الاسلامي إلى الغرب؟ قد يكون هذا مبكرا جدا، ففي 742 م أرسل هارون الرشيد وفوده إلى شارلمان والامبراطور الروماني وضمت وفوده في عضويتها أشهر الاطباء وافضل الجراحين. كما استقر الاتصال بين العالم الاسلامي واوروبا عن طريق التجارة عبر القرافل كما يحتمل وصول رسالة مع اليهود. وفي كل حقول الجراحة العصرية اليوم تنعكس مساهمة الارث الاسلامي الجراحي، انعكاسا واضحا في جوانب شتى: ا الجراحة العامة علم الكائنات الدقيقة وعدوى الجروح: على الرغم مما يقال ان المفهوم الكامل عن الكائنات الدقيقة والبكتريا كمسبب للمرض قد اقامه باستير واستمر به ليستر، فقد كان لدى العلماء المسلمين قديما فكرة عن البكتريا وان تكن غامضة، فقد ذكر ابن خاتمة في بداية القرن 14 ان هناك "أجساما صغيرة تسبب أمراضاً " ، وقبله بأربعة قرون سئل الرازي عن أختيار موضع لبناء مصح في بغداد فأجرى تجربة طريفة، إذ امر بتعليق قطع من اللحم في اماكن متفرقة من البلدة والماء فحصها بعدها بعدة ايام وتميز المكان الذي كانت به قطعة اللحم اقل عفنا وابطأ فسادا. التحكم في النزف: لا زال، النزف والنزيف اهم مشاكل الجراحة اليوم. ومن المدهش ان الطرق الحديثة لا تضيف شيئا جوهريا لما كان يتبعه الجراحون المسلمون. فاستخدام الضغط بالابهام أو الرباط أو الاسفنج وحتى الكي بالنار والتبريد (الماء البارد) أو فصل ألاوعية اذا كانتا غير منفصلتين تماما وربط اماكن النزف بالعقد من الخيوط الجراحية أو غيرها كل هذا وغيره ذكره الزهراوي بالتفضيل والاجمال. بل زاد في تحذيره من الضماد الضاغط بزيادة وذكر عن اضطرابات التجلط في الدم. العناية بالجروح: لقد استعمل العديد من الاطباء والجراحين المسلمين الخيوط الجراحية وبنجاح، وكان الفضل لابن سينا في ذكر الغيار الجاف . صرف الخراريج: يذكر "كتاب التصريف " بالتفصيل الكامل تفاصيل صرف الخراج، مكان وطريقة الفتح، تعبئة الجرح، تهيئة اطراف الجلد، ودلالة وأهمية الصرف المضاد، واستعمال الضغط البطيء المستمر التدريجي لتفريغ التجاويف الكبيرة خصوصا اثناء الحمل واطراف العمر. 2. علم الاصابات وجراحة العظام . لقد كانت جراحة الحروب اقدم مدارس تعليم الجراحين، وكان الجراحون العرب هم اساتذة هذا المجال، فقد ذكر اغلبه م جروح الحرب النافذة وطرق معالجتها. وكتاب "التصريف " يغطي تماما اصابات المفاصل والعظام ورضوضها. أما المقالة 17 من ابن القف في كتابه "العمدة" فمخصص بأكمله لرضوض النسيج اللين، والعظام والاصابات من الحيوان. وطريقة وصف ومعاملة كل جروح الرقبة والقصبة الهواثية تبدو وكأنها من اعمال الزهراوي الأصيلة، إذ لا يذكر فيها اي من المراجع السابقة لعهده. أما في جراحة العظام فبجانب المشاكل المعهودة من التهاب عظمي نقي والبتر وخلافه نجد الزهراوي يناقش وبالتفصيل الظأي للعظام وتلك الكسور غير ملتحمة جيداً وتصويبها، ومن شهادة سينك وليوس ان تلك الآلات التي وضعها الزهراوي أوضحت مجموعة ضخمة من المناشير والمجسات ومباضع العظام والمطارق والثواقب تفوق كثيرا ما وصفه من سبقوه. 3. مبحث الجهاز البولي وقد طور علماء المسلمين الجراحون معلومات الجراحة التي وصلت إلى ايديهم عبر من سبقوهم، وبالرغم من ان المضخات الميكانيكية قد عرفها اليونانيون إلا انها استخدمت لأول مرة في مجالات الطب على يد جراحي المسلمين في هيئة محقنة لدى المثانة البولية. وقد. كانت إزالة حصى المثانة الكبيرة من أضخم مشاكل الجراحة في تلك الآونة، وقد ادخل الزهراوي وبنجاح استعمال الملاقط الكبيرة لحل هذه المعضلة، وأمكن بها سحق الحصى، وبعدها تزال في صورة رمال صغيرة أو حبيبات متضائلة، وبذا يعتبر أول من ابتكر في علم تفتيت الحصى. وفيما يتعلق بالحصاة الاحليلية المدمجة فقد وصف الزهراوي، وصفة مبتكرة وجديدة، وذلك بادخال مثقاب دقيق عبر الاحليل، وادارتها عند ملاقاتها للحصوه الى ان تتفتت الاخيرة الى حبيبات دقيقة تترك ليغسلها البول. والاستعانة بأصوات المثانة لتحديد أماكن الحصيات المثانية، ومشكلة النزف بعد العمليات، وأهمية ازالة الجلطات الدموية من المثانة، كلها ذكرت بالتفصيل والشرح في كتابات الزهراوي. 4. علم الجهاز الهضمي قد يكون ابن سينا هو أول من ذكر بتوسع كبير انواع ثلاثة من اليرقان، كما ان له الفضل في استخدام الكي المعدي. وقد عرف الجراحون العرب ومارسوا البزل البطني للاستسقاء والخراج داخل المساريقا (سابق الخلبي) كما قدروا خطورة تخفيف الضغط المفاجىء على البطن، وعندما يتكلم الزهراوي عن الاستسقاء فيربطها دائما مع ضخامة الكبد والطحال فذلك لا بد مرجعه الى ارتفاع الضغط البابي ولا جدال ان مفهوم الزهراوي عن هذه المشكلة يقترب من مفهومنا العصري لأسبابها ومدلولاتها. وخراج المناطق الاستوائية (الحارة المدارية) بالكبد (الاميبي) من المشاكل الصحية الهامة حتى في وقتنا الحالي. ومن العجيب ان الزهراوي قد ذكر طريقة تفريغها بواسطة حقنة بزل التجاويف، وباستخدام الكي الحراري لفتح مثل هذه الخراريج وذلك لاجدال من اعماله الاصيلة. وينسب الفضل في الخياطة بالمعي لمداواة الامعاء إلى الرازي، بينما يرجع هاريسون الفضل في معرفة تعدد الخياطة ومختلف الغرز في الاستعمالات الجراحية لخيوط من لمعي القطة او القطن للزهراوي نفسه والذي اكد على ضرورة الخياطة المنفصلة في طبقات جدار البطن في حالات الجرح البطني. واستعمال الكمادات الساخنة فوق الامعاء المختنقة، ومشكلة الباسور البرازي والتوقع غير الحميد مع اصابات الصائم كانت مفهومة للجراحين العرب. أما ابن زهر (1113- 1162) فقد كان أول من قام بالوصف التفصيلي المقارن بين القرحة المعدية وسرصان المعدة. وقد كرست اعداد من الكتب لموضوع التهاب القولون وعلاجه عن طريق الغذاء والدواء والرحضة ومرجع ابن سينا "القولنج انواع ومداواه " أحد الامثلة التي تشير إلى ذلك. 5- مبحث المستقيم يبدو ان البواسير كانت ضمن المشاكل الجسيمة في الانشغال الجراحي في ذلك الوقت،ويتبدى هذا من تخصيص مراجع وفيرة عن هذا الموضوع، فقد كتب ابو عمران موسى بن ميمون (1135- 1204) كتابا خاصا لهذا الموضوع عنوانه "في البواسير" وأكد فيه على دور الغذاء وامكانية الجراحة لبعض الحالات . كما كتب ابن محمود القاسم (المتوفي 1525 ه) كتابا في علاج البواسير عنوانه "زاد المسير في علاج البواسير" وأرسي ابن القف اهمية كبرى في مضاعفات قطع البواسير والخياطات التي تجرى بعد اجراء العمليات. كما اشار- وان كان بغموض- الى القيحية البابية كأحد مضاعفات البواسير. وحذر الزهراوي في كتابه من التصريف المتأخر للخراج الوركي المستقيمي، ويعتبر بحق مبتكر الكي في علاج الباسور الشرجي. كما انه ذكر خطورة اصابة الامعاء والمثانة والاوعية الدموية الرئوية والاعصاب والمصرات الداخلية التي قد تؤدي الى اعاقة المسار. كما انه اشار ايضا الى عودة البواسير بعد القطع غير انكامل. 6. جراحة التقويم (الجراحة التعويضية) وقد سبق ذكر جراحات التقويم من علماء الاسلام في الجراحة مثل جراحات القطع وتقويم الحنك والاذن والشفة والانف وتضخم الثدي. وفي استعمال الكي بالمعادن المحمية والكيماويات الكاوية في علاج الثولول والقرن (المسمار الذرة) كانت، الطرق معروفة منذ قديم الزمان، اما استحداث الكي في علاج فلح الشفة بالحافة الحادة لآلة الكي وذلك لتنشيط حواف الموضع والتندب اللاحق بما يساعد على التحام الحافتين كانت بلاشك من ابتكار الزهراوي وإليه يعود الفضل في استعمالها لاول مرة وبنجاح. 7. جراحة الاذن والانف والحنجرة. لا مراء أن اول من اجرى الفغر الرغامي هم الجراحون المسلمون، كما قاموا بقطع اللوزتين بالجيلوتين الذي كان من اكتشاف الزهراوي، بالاضافة الى الملقاط الخاص وكقام الفم أو مبعد الفكين لجراحة الحلق والذي رسم بدقة متناهية في مقاييس الحجم في "التصريف ". وناقش بالاضافة الى ذلك ايضا مضاعفات قطع اللوزتين والأورام بهما. ووصف الزهراوي ايضا مبضع العظم الخاص بعمليات الانف وقطع السليلة وذكر قمعا خاصا لادخال الدواء، كما ان من فضله ايضا اول ذكر للمساميات البحرية الموصولة بخيط لإزالة الاجسام الغد يبة من الحلق. وعملية بزل الاذن والاجسام الغريبة في هذه المنطقة كانت من موضوعات مناقشة بالتفصيل، كما ذكر ايضا الطرق الجراحية في ازالة الحوصلة اللمقاوية تحت اللسان، ووصف ورم ليفي أنفي حلقي، ونجاحه في علاجه بالقطع المتكرر وا لكي. اما فضل ايجاد علاقة بين الدراق والجحوظ فيعود الى الجرجاني (المتوفي 1136 ه). ويقر إمام الجراحة الامريكية هالستر بأن استئصال الغدة الدرقية لعلاج الدراق تمثل "في الغالب افضل من اي عملية وهي النصر الاكيد لفن الجراحة".وأول نجاح في قطع الدرقية أداه الزهراوي في 952 م في مدينة الزهراء. 8. طب الاسنان هناك العديد من الكتب التي انتجها جراحو طب الاسنان المسلمون، فيها ورد ذكر استخدام السلك لتثبيت الاسنان السائبة، واستخراج جذور الاسنان المكسورة وأجزاء الفك بواسطة ملقط خاص، بل الاسنان المصنعة من عظام الثور. وكلها أجراها الزهراوي لأول مرة وبنجاح. ويذكر الزهراوي أيضاً استخدام الكي الانبوبي في كي اللثة وعلاج الباسور الفمي الجلدي. ويشارك ابن القف ايضا في صناعة الاسنان المصنعة من العظام . 9. طب العيون ولا زال كتاب "نور العيون " للجرجاني قطعة فنية الى يومنا هذا، واستحق مؤلفه (القرن الخامس الميلادي) ان يعرف باسم الجراح ذو اليد الذهبية. أما الزهراوي فيورد في تفصيل كاف وشرح واف عدداً كبيراً من العمليات التي تجرى خارج المقلة، وتضمن شرحه ايراد بعض الآلات المبتكرة مثل الخطاطيف. اما عن منظار العين ومقص الملتحمة لإزالة السبل فقد سبق وعالج موضوعاتها على بن عيسى الكحال (المتوفي 350 ه) في مؤلفه تذكرة الكحالين. ووصف الزهراوي وابن سينا المجسق الدمعي او المسبار الدمعي. وانزياح (او تزحزح) العدسة في الساد كان يعرفها الاقدمون قبل الزهراوي، الأ انه اضاف وصف طرق مستحدثة وآلات مستجدة مثل المثقب والابر الخاسفة والخافضة وخلافه. وقد اوصى الرازي بتمزيق قشرة العدسة اذا لم يمكن زحزحتها، وشرح ابن سينا انواع الابر المختلفة المستخدمة لهذا الغرض، وشارك الرازي والزهراوي في ذكر طرائق إزالة الضغط أو تخفيضه جراحيا في حالات الزرق، والتي اجريت ومورست في وادي الرافدين. 10. علم النساء والتوليد يعتبر كتاب البلدي (المتوفي 380 ه) بعنوان "كتاب تدبير الحبالى" من أشمل المراجع في مناقشة الولادة، وناقش الزهراوي ايضاً اوضاع الجنين الطبيعية وغير العادية، كما شرح العمليات التي يصحبها تقطيع الجنين، مع ذكر للآلات الضرورية لتوليد الجنين الميت. اما هارس الرأس الذي ذكره الزهراوي بسحق رأس الجنين الميت، فيعتبر عملا عظيما أضافه الي الانواع المختلفة من المناظير المهبلية التي تستحق الذكر. 11. علم الاورام حذر معظم الجراحين المسلمين من استعمال السكين في الاورام الخبيثة، وقد خصها بالذكر كل من الزهراوي وابن سيناء مع التشديد علي ان الاورام الخبيثة، يجب ان تزال في جراحة قطع متوسعة والوصول بالحواف الى نسيج حي (صحيح) سليم معافي. كذا ذكروا علاج الاورام الخبيثة بالادوبة والكيئ. 12 جراحة الاعصاب. مارس الجراحون المسلمون تصريف قوة الرأس الذي ذكره اليونانيون وقد شرح الزهراوي وابن القف بالتفصيل اعراض النزف، القحفي الداخلي والخارجي، الناجم عن اصابة الجمجمة من الاسهم. وبالرغم من ان الفدغ من العمليات المعروفة قديمة إلا ان الزهراوي قام بوصف آلات جديدة مستحدثة لهذه العملية الدقيقة. ولسوء الحظ فمع تقدم الزمن تناولت الجراحة أيد لم تحسن استخدامها، بل فشلت في انمائها وسمحت بضمورها واندثارها كذا يبدو ان معظم المؤرخين الطبيين الغربيين قد نسوا او تناسوا فضل الأرث العربي الجراحي في فصولهم *** أحمد عبد الحي / و: سيد وسيم احمد الهند