هذا وصف لاحد مستشفيات العرب قديما ويتجلى من خلال رسالة احد المرضى لوالده: أبتي الحبيب، تسألني إن كنت بحاجة إلى نقود! فأخبرك بأني عندما أخرج من المستشفى، سأحصل على لباس جديد وخمس قطع ذهبية حتى لا اضطر الى العمل حال خروجي مباشرة فلست بحاجة إذن إلى أن تبيع بعض ماشيتك! ولكن عليك بالإسراع في المجيء إذا أردت أن تلقاني هنا. إني الآن في قسم (الاورتوبادي) "orthopadie" بقرب قاعة الجراحة. وعندما تدخل من البوابة الكبيرة، تعبر القاعة الخارجية الجنوبية وهي مركز "البوليكلينيك" "poliklinik" حيث اخذوني بعد سقوطي، وحيث يذهب كل مريض أول مايذهب لكي يعاينه الأطباء المساعدون وطلاب الطب. ومن لا يحتاج منهم إلى معالجة دائمة في المستشفى تعطى له وصفته فيحصل بموجبها على الدواء من صيدلية الدار. وأما أنا فلقد سجلو اسمي هناك بعد المعاينة وعرضوني على رئيس الأطباء ثم حملني ممرض الى قسم الرجال، فحممني حماما ساخنا وألبسني ثيابا نظيفة من المستشفى. وحينما تصل ترى الى يسارك مكتبة ضخمة وقاعة كبيرة حيث يحاضر الرئيس في الطلاب. وإذا مانظرت وراءك يقع نظرك على ممر يؤدي الى قسم النساء. ولذلك عليك ان تظل سائرا نحو اليمين، فتمر بالقسم الداخلي والقسم الجراحي مرورا عابرا... فاذا سمعت موسيقى أو غناء ينبعثان من قاعة ما، فادخلها وانظر بداخلها، فلربما كنت انا هناك في قاعة النقه حيث تشنف آذاننا الموسيقى الجميلة ونمضي الوقت بالمطالعة المفيدة... واليوم صباحا جاء كالعادة رئيس الأطباء مع رهط كبير من معاونيه. ولما فحصني أملى على طبيب القسم شيئا لم افهمه. وبعد ذهابه اوضح لي الطبيب، انه بامكاني النهوض صباحا وبوسعي الخروج قريبا من المستشفى صحيح الجسم معافى. واني والله لكاره هذا الامر! فكل شيء هنا جميل للغاية ونظيف جدا: الأسرة وثيرة وأغطيتها من الدمقس الأبيض الملاء بغاية النعومة والبياض كالحرير، وفي كل غرفة من غرف المستشفى تجد الماء جاريا فيها على اشهى مايكون. وفي الليالي القارسة تدفأ كل الغرف. وأما الطعام فحدث ولا حرج!! فهناك الدجاج أو لحم الماشية يقدم يوميا لكل من بوسعه أن يهضمه. إن لي جارا ادعى المرض الشديد اسبوعا كاملا أكثر مما كان عليه حقيقة، رغبة منه في التمتع بشرائح لحم الدجاج اللذيذة بضعة ايام اخرى. ولكن رئيس الأطباء شك في الأمر وارسله بالامس الى بيته بعد ان اتضح له صحة المريض الجيدة بدليل تمكنه من التهام دجاجة كاملة وقطعة كبيرة من الخبز وحده. لذلك "تعال ياأبتي واسرع بالمجيء قبل أن تحمر دجاجتي الأخيرة" من كتاب شمس العرب تشرق على الغرب للمستشرقة زجريد هونكة