كانت الجراحة في الزمن العربي القديم من المهن التي يجب أن يرتقي عن ادائها الطبيب، حيث هي مهنة الحلاقين والحجامين، حتى جاء علماء المسلمين الأطباء فطوروا مفهوم الجراحة وتميزوا فيه بشكل ملفت فهذا الطبيب العربي أبو القاسم ابن عباس الزهراوي ( 334- 404ه) مؤلف كتاب التصريف، يعد في طليعة الجراحين العرب المسلمين الذين ظلوا أساتذة ومعلمي الطب والجراحة حتى نهايات القرن الخامس عشر. أولئك العلماء الذين على انجازاتهم بني التطور الغربي في مجال علوم الجراحة التي واصلت تطورها وتميزها حتى أصبحت علوماً مستقلة بذاتها عن علوم طب الباطنة. من أعلام الجراحة المسلمين أبو الحسن ابن زين الطبري، الرازي، علي بن عباس الأهوازي، ابن سينا، الزهراوي (المشار إليه أنفاً)، موسى بن ميمون، وابن القنف وغيرهم. من ضمن ماطوره أولئك الأعلام، استخدام المجسات لتوسيع مجرى البول، استعمال الخيوط المصنوعة من أمعاء الحيوانات في خياطة الجروح والأنسجة، وصف المحقنة الشرجية، استعمال المحقنة المعدنية، استعمال المبولة، استخدام الكاويات في الجراحة.. ومن ضمن العمليات التي اجراها أطباء العرب المسلمين وصف الشق العجاني للحصاة، استخراج حصاة المثانة، علاج الكسور، فتح القصبة الهوائية، فتح الثقب المنجود في الأذن، معالجة النورزم، ربط الشرايين عند اصابتها بجروح، استخدام الأفيون والحشيش والسكران وست الحسن وغيرها من الأعشاب كمخدر في العمليات.. وغير ذلك من الإنجازات، التي لخصها سعادة الدكتور علي عبدالله الدفاع في كتابه الصغير الحجم المتميز القيمة "لمحات من تاريخ الطب عند المسلمين الأوائل" الصادر عن دار الرفاعي للنشر والطباعة والتوزيع، الرياض، 1983م. أستحضر هذه اللمحات الموجزة عن تاريخ الجراحة عند العلماء المسلمين وأنا أشهد التميز الذي يبدعه الجراح السعودي على مختلف الأصعدة، وليس آخرها ذلك الإنجاز الذي حققه الجراح السعودي الدكتور عبدالله الربيعة، ورفاقه في عمليات فصل التوائم المختلفة. ذلك الإنجاز الذي تجاوز حدود كونه مجرد عمل جراحي إلى كونه عملاً يجيّر لخدمة رسالة بلادنا الحضارية.. نفتخر ونعتز بإنجازات الجراحين السعوديين؛ د. عبدالله الربيعة، د. محمد الفقيه، د. سالم الزهراني، د. حسان رفه، د. زهير الهليس، د. عبدالرحمن العنزي، وغيرهم ممن يعمل بصمت لم يلحظه مرصد الإعلام. نفتخر ونسعد بأن هؤلاء الجراحين يعيدون لنا سيرة الأوائل بتميزهم على مستوى الوطن والمنطقة.. شكراً للجراح السعودي الذي لم يكتف بالإسهام بمداواة أبناء وطنه بل كان سفيراً علمياً نفاخر به ونتمنى له المزيد من التوفيق والنجاح، كما نتمناه لجميع أطبائنا وعلمائنا الذين أسهموا ويسهمون في إعطاء صورة مشرقة لبلادنا عبر لغة العصر التي يفهمها العالم، لغة العلم والإبداع العلمي والمهني..