لله دَرُّك من جسد .. يعتكف عليك مجاهدو الطب في سبع سنين عجاف ، يحاولون فهمك ، واستنباط فكرة عملك ، وحفظ ما يُحفظ من جزئيات يفوق عددها حباتُ الرمل .. يدرسونك باجتهاد ، يسهرون على كتبٍ عِظام أحنَت ظهورهم ، وأضعفت عيونهم . وليس اعتكاف دراستك لسبع سنين إلا لمعرفة ما فيك من "العموم" ، أما الاختصاص في جزءٍ منك .. فهذه قصة أخرى ، وفصل آخر .. يُشَمِّر فيه الطبيب عن ساعديه ليمسك بالكتب الثقال ، وعن عينيه ليدرس في حُلك الليال ، وعن رجليه ليبدأ قصة ً بدايتها الحِلُّ ونهايتها .. الترحال ! عظيمٌ أنتَ يا جسد ، كل ما فيك عظيم عظيم أنتَ يا طبيب ، كل صبرك هذا عظيم فيك من العَبَرات الكثير ، ولا زلت بامتياز تداوي .. وتمسح العَبَرات .. فيك من الجِراح العديد ، وأنت أنت .. تطبب الجراح والدماء .. مكسور من الداخل ، لكنك تجبر الكسور ... والقلوب .. هَوِّن عليك يا جسد ، ما رأيتُ فيك عيباً ، إنما العيب فينا ، وما جسست فيك مرضاً ، إنما المرض فينا .. تمشي يا جسد .. وتقف تقوم ها أنت .. وتجلس ولا تعلم .. متى تُقَلِّبُ الفصل "الأخير" من روايتك فالموت كما قال طرفة بن العبد : "كالطول المرخى ، وثنياه باليدِ .." في النهاية ، يموت هذا الجسد ، وقد يتحلل إلى فتات ، فينسى أنه في زمن ، أشقى الأطباء ، حَيَّر الخبراء ، أو أهلك المختصين " فلله دَرُّكَ .. من جسد " *طالبة في السنة الثالثة بكلية الطب بجامعة السلطان قابوس - سلطنة عمان