رنين الهاتف الخلوي على الأريكة يشتت تركيزي في كتابة القصة التي أنوي تحويل أحداثها إلى لغة تتصفحها الأعين.. أهمُّ بالنهوض لإغلاق هذا المزعج..
لكن توقفه المفاجئ وفّر علي مغادرة كرسيي غير الوثير والأثير، الذي تتعالى أصواته مع حركات القلم حين يتحد مع (...)
جثا على ركبتيه.. وقد أشخص بصره نحو حقل القمح الذي أمامه.. سيقان السنابل تتناثر في الحقل، متعلقة به بعض الوريقات الصغيرة التي تتدلى في خجل، وخوف من السقوط..
ما الذي حدث؟!
ما هذا الأمر الجلل الذي أصاب زرعي؟
أسئلة كثيرة دارت في داخله..
قبضة يده كوَّرت (...)
في الحقل..
تعيش السنبلة
على ضفة الساقية..
بعيدة عن أُخياتها..
قليل من الماء ترتويه..
أنهكتها الوحدة..
والوحدة..
وجوع الأخوة..
* * *
أعتصر السحاب..
لتمطر قطرة فقطرة ثم قطرة..
فتبتل الشفاه..
وتغرق العيون بالدموع ..
واللسان يبلل ريق الجفاف..
بعد (...)
في غياهب الأوراق..
تتنامى الحروف الخضراء..
في زمن خريفي..
تساقطت حروفه بين أسطر..
الوجع..
والألم..
* * *
انكسار بكت منه الكلمة..
وجادت بماء أغرق الصفحة..
وبلل وجهها بعد الجفاف..
فتهاوت قواميس اللغة..
تركع أمام شموخ المعاني السامية..
في زمن غُرِس (...)
نسمات الهواء الباردة تتخلل إلى داخل الغرفة مستأذنة الستارة بالدلوف عبر النافذة، ومعها بصيص من نور القمر المشع في هذه الليلة المقمرة..
دقات الساعة مسموعة في هذا الهدوء، حيث يجري عقربها النحيل على عجل، في حين حط أطولها رحاله على العاشرة، بينما أصغرها (...)