يجذب مسلسل الجماعة الذي يرصد صعود جماعة الإخوان المسلمين (أكبر جماعة معارضة في مصر) أنظار المشاهدين؛ لكنه يثير غضب قيادات الجماعة الذين يرون فيه محاولة لتشويه اسمها، قبل انتخابات برلمانية مقررة العام الحالي. ويظهر المسلسل كيف كانت لدعوة الإخوان للعودة إلى جذور الإسلام صدى في العشرينات من القرن العشرين، عندما كانت مصر تحت الاحتلال. كما توضح الجاذبية التي اكتسبتها الجماعة بعد الاستقلال عندما أيّد الفقراء انتقادها للتأثير الغربي على المجتمع المصري. ويعرض مسلسل الجماعة الذي تكلف إنتاجه 35 مليون جنيه مصري (6.15 مليون دولار) يوميًا في التلفزيون المصري الرسمي خلال شهر رمضان، وفي توقيت ترتفع فيه نسب المشاهدة التلفزيونية عندما تجتمع العائلات والأصدقاء في المساء بعد تناول الإفطار. وقال الناقد السينمائي طارق الشناوي "الحكومة لا يمكن أن تنشر مسلسلاً بهذا الشكل إلا إذا كانت سعيدة وحريصة عليه" وأضاف أنّ الحكومة تكون حذرة للغاية عندما يتعلق الأمر بالإخوان. والحكومة المصرية حليف قوي للغرب ولديها تحفظات تجاه أي جماعة لها توجهات إسلامية منذ أنّ اغتال متشددون الرئيس أنور السادات عام 1981 . ويمنح قانون الطوارئ المفروض في مصر منذ نحو ثلاثين عامًا الشرطة سلطات موسعة في مواجهة المعارضة وقامت السلطات بحملات دورية على الجماعة وأخرجتها من التيار العام للسياسة في البلاد واعتقلت شخصيات بارزة فيها. وجماعة الإخوان المسلمين محظورة لكنها تتمتع بشعبية بين الفقراء لأسباب من بينها الخدمات الاجتماعية والاقتصادية التي تقدمها في الأحياء الفقيرة. وفازت الجماعة بخمس مقاعد مجلس الشعب المصري في انتخابات عام 2005 بمرشحين خاضوا المنافسة كمستقلين. ويتتبع مسلسل الجماعة عمل ضابط شرطة مصري شاب يقرر استكشاف ماضي الإخوان بعدما استجوب بعض الطلاب الذين انضموا للجماعة. وأظهر المسلسل أعضاء الجماعة في أول 12 حلقة منه على أنهم يتسمون بالعنف ويستغلون الدين لتحقيق أهدافهم الشخصية ولا يكترثون كثيرًا بالشعب المصري. وينظر الكثير من المصريين إلى حسن البنا الذي أسس جماعة الإخوان عام 1928، وكان يعمل معلمًا على أنّه شخصية تقية وملهمة، لكن شخصيته في المسلسل تظهره خبيثًا يلهث وراء السلطة. وقال محسن راضي وهو نائب من جماعة الإخوان في البرلمان المصري أنّ كاتب المسلسل وحيد حامد "يريد أنّ يدمر الجماعة.. لو كان محايدًا لوضع الموضوع أمام الرأي العام لكنه يشوه فقط ويزور التاريخ الحديث والقديم.. الكاتب يأخذ أوراقًا متناثرة ليتسلل إلى ثغرات لتحقيق أهداف غير أخلاقية لتشويه صورة الجماعة". ويُصر حامد على أنّ مسلسله منصف، وقال في مقابلة مع رويترز "أنا اكتشفت بعد ما عديت سن الستين أني ما عنديش ليست لدي معلومات كاملة عن الإخوان.. قلت إن الأجيال الجديدة الموجودة من حقها أن تعرف. عشان كدا لهذا عملت المسلسل حتى أقدم للناس من هم الإخوان بصفة حيادية تماما". وفي أحد مشاهد المسلسل يتفق قيادي في الجماعة مع رئيس تحرير صحيفة على أن يشتري ألف نسخة من صحيفته كل شهر في مقابل خدمات، ويظهر المسلسل ضباط الشرطة وهم يعاملون أعضاء جماعة الإخوان المسلمين برفق ويعرضون عليهم شرب الشاي والقهوة أثناء استجوابهم. وقال قياديون في الجماعة إن مثل هذه المشاهد غير واقعية وكرروا اتهامات تنفيها الحكومة المصرية بتعرضهم لإساءة المعاملة أثناء فترة الاحتجاز. وقال عصام العريان وهو قيادي كبير في الاخوان المسلمين، قضى ثمانية أعوام ونصف العام في السجن: "التحقيق (معي) كان كله تعذيب وإهانة، ولم يقدموا لي قهوة ولا شاي.. وهذا على عكس ما يقدم في المسلسل". ويهون محللون من احتمال أن يكون للمسلسل أي تأثير سياسي. وقال نبيل عبد الفتاح، من مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: "المسلسل قد يساعد في تقليل شعبية الجماعة ولكن ليس بصورة كبيرة.. قد يحدث أثرًا صغيرًا لأن المسلسل براق، ويأتي بعد الخلافات بين أعضاء الجماعة التي ظهرت على السطح في السنوات الأخيرة لكن الجماعة لا تزال قوية".