لم يوجد لنفسه ولم يوجد له محبوه لقبا، وإن اكتفى بعضنا بوصفه «الرحالة» أو «ابن بطوطة العصر»، وهو هما وفوقهما علما وتمكنا ودقة وتوثيقا وتبتلا للبحث ودأبا لا يعرف الكلل، وغوصا على زوايا التاريخ وتفاصيل الجغرافيا؛ لينبئنا معجمه الأحدث عن (أسر بريدة) أي عالم وباحث ومؤرخ وموثق ومدقق هذا العلم الرمز الإنسان معالي الشيخ محمد بن ناصر العبودي الذي يقدم في هذا المعجم الفريد رصداً بالأسر والشخصيات والوثائق والحقائق والدقائق بما يعنون تسجيلاً لتاريخنا الشفاهي الغائب المتناثر الذي يكاد يندثر لولا وجود هذا النابه «أبي ناصر» الذي اهتم - منذ صغره - بجمع الوثائق والعناية بالروايات والمرويات حتى صدر هذا العمل الجبار الذي تنوء به المؤسسات الرسمية المدعومة بالمال والأجهزة والرجال. طبقا لصحيفة " الجزيرة " السعودية التي أوردت هذا التحقيق قالت إن هذا كتاب العام بل والأعوام وهو مفتتح سلسلة معاجم عن أسر مدن منطقة القصيم نسأل الله أن يعين شيخنا على إكمالها لنقرأ قريبا الجزء الخمسين وربما المئة في عمل نوعي غير مسبوق في بابه، وقد هيأ الله له رجلا مثقفا حفيا وفيا هو المحامي الدكتور محمد بن عبدالله المشوح الذي خصص أعمال دار نشره (الثلوثية) - بشكل شبه حصري - لطباعة أعمال عالمنا الموسوعي الكبير الشيخ محمد العبودي أمد الله في عمره وبارك بعمله، وهذه تحية عجلى إليه وإلا فحقه أكبر من أن تفي به مثل هذه الكلمات السريعة. المعجم لن يجد رضا كل الناس الذين اعتادوا تجاهل بعض محطات التاريخ الشفهي بما تعنيه من فوارق بين الأجيال والأزمنة والأمكنة والذين ألفوا سماع الحكايات الجميلة والمهادنة، والذين تسكن بعضهم حكايات «القبيلة» و»كان أبي»، لكن أعمال التاريخ لا تنتظر تقديرها في وقتها فقط بل عبر المدى، وهو ما يراهن عليه المتابعون.