استعادت الطالبة السعودية (م. ب) التي تدرس في مدينة كورفاليس (وسط غرب ولاية أوريجون الأمريكية) ذكرى يوم 11 من يناير عام 2008, عندما تعرضت لاعتداء من زوجها. فكان نحيبها هو حديث المدينة الوادعة التي يسكنها نحو 51 ألف نسمة, على الرغم من أنها لم تختر إبلاغ الشرطة وتصعيد القضية بل كانت حريصة على الاتصال بسفارة خادم الحرمين الشريفين في واشنطن كونها إحدى رعاياها. لكن موظفة الاستقبال في نزل (موتور إن) الذي كانت تقطنه وزوجها وطفلها (5 أعوام)، هاتفت رقم الطوارئ الأمريكية (911) مباشرة بعد أن شاهدتها وهي مضرجة بالدماء، مما أدى إلى تأزم القضية. تقول الطالبة لصحيفة "الوطن" السعودية إن سبب نشوب الخلاف بينها وبين زوجها كان حول رفضها الولادة في المملكة ورغبتها في الإنجاب في أمريكا لإنها كانت تعاني من ارتفاع ضغط الدم المرافق للحمل. تتذكر "سفري كان يشكل تهديدا لحياتي وحياة الجنين الذي كان في شهره الخامس". وتؤكد أنها حاولت إقناعه بضرورة بقائها في كورفاليس، بيد أنه أصر على موقفه وحاول دفعها بيديه فقالت له وهي تضع يديها على بطنها المنتفخ "نحن لسنا في المملكة, نحن في أمريكا.. ضربك لي قد يعرضك لعقوبة قاسية". ولم تكن تعلم أن كلماتها الطفيفة ستجعله يثور كبركان وينهال عليها ضربا حتى سقطت على الأرض وهي تتدفق دما ودموعا على مرأى ابنها. وخشيةً على حياة جنينها توسلته أن يدعها تخرج من الغرفة. لكنه لم يلق لها بالا حتى هاتفت عائلتها في المملكة الذين سألوه أن يسمح لها بالخروج. وحينها خرجت وهي تنزف وترتعش متكئة على الجدران. صحيفة الجامعة التي تدرس فيها الطالبة نشرت خبر تعرضها للاعتداء بعد أسابيع من الحادثة فتهافت المئات لنجدتها ودعمها في حين غادر زوجها أوريجون عائدا إلى المملكة. من ثم أسس عدد من الطلاب ومواطني كورفاليس صفحة إلكترونية على موقع "فيس بوك" تدعم وتؤازر الطالبة السعودية. كما حصلت من الجامعة على وظيفتين تساعدها على رعاية طفلها ومنحت شقة سكنية مؤقتة ومصروفا شهريا. الطالبة الحاصلة على البكالوريوس في الأدب الإنجليزي أوشكت على الحصول على درجة الماجستير, وتتطلع الآن للحصول على بعثة دراسية من وزارة التعليم العالي تساعدها على متابعة دراستها العليا بعد أن حصلت على أكثر من قبول مبدئي من جامعات أمريكية مرموقة لدراسة الدكتوراه إثر تفوقها. فهي تدرس حاليا على نفقة الجامعة وأسرتها. تقول الطالبة إنها ستطلب من أخيها المجيء إلى أمريكا إذا كان المحرم هو شرط الوزارة الوحيد للحصول على منحة دراسية. وتضيف "زوجي لن يعود. وأخي لن يأتي دون أن يضمن دخلا يكفل له حياة كريمة أثناء مرافقتي". وتتفهم الطالبة عزوف أبناء جلدتها عن دعمها قائلة "بعضهم أصدقاء زوجي.. أدرك أنهم لا يرغبون في إثارة حفيظته بعد أن وصلت علاقتنا إلى طريق مسدود. لكن أشعر بتعاطفهم من خلال نظراتهم". قضية الطالبة السعودية أثارت أسئلة حول العنف في أوساط المبتعثين خاصة السعوديين الذين يدرسون في نفس الجامعة, فيما كتب مؤسس مجموعتها الإلكترونية جيرد تايلور " هذه الطالبة، بحاجة إلى مساعدتنا للبقاء في كورفاليس لمتابعة دراستها وأحلامها. لا تتقشفوا في دعمها بالمال والأفكار". وتصف الأمريكية، كيلي وانجر، الطالبة بأنها "مقاتلة شجاعة"، فهي على حد تعبيرها تسلقت جبلا وعرا بقدمين ويدين حافيتين. تقول : "ألا يكفي هذا لنجمع لها التبرعات ونحشد في سبيلها الكلمات؟". أما الكندي ويليام بوردمان، زميلها في الجامعة، فقد رشحها للحصول على "جائزة الأم المثالية" للعام الجاري في أوريجون نظرا لرباطة جأشها. يقول: "عندما أتعرض لآلام في أسناني لا أحضر إلى الجامعة. في حين آثرت (م.ب) الاستمرار والتفوق رغم أن لديها آلاما عميقة وطفلين. إنها جديرة بالتقدير والرعاية".