نقل عن الشرق الأوسط : أثارت فتوى جديدة أصدرها مفتي مصر الدكتور علي جمعة جدلا واسعا بين علماء الدين، ما بين مؤيد ومعارض. وتدعو الفتوى إلى عدم وضع القرآن الكريم أو الأذان مكان رنات الهاتف الجوال. وقال الدكتور جمعة في فتواه «إنه ليس من اللائق ولا من كمال الأدب مع القرآن الكريم أن نجعله مكان رنة الهاتف الجوال، لأن له من القدسية والتعظيم ما ينأى به عن مثل ذلك تعظيما لشعائر الله»، مشيرا إلى أنه يجوز للإنسان أن يستعيض عن ذلك بأناشيد إسلامية أو مدائح نبوية تتناسب مع قصر رنة الهاتف. واعتبر الدكتور جمعة أن في ذلك الفعل نوعا من العبث بقدسية القرآن الكريم الذي أنزله الله للذكر والتعبد والتلاوة وليس لاستخدامه في أمور تحط من شأن آيات القرآن الكريم وتخرجها من إطارها الشرعي. وقال مفتي مصر «نحن مأمورون بتدبر آيات القرآن الكريم وفهم المعاني التي تدل عليها ألفاظه، وإن مثل هذا الاستخدام فيه نقل للقرآن من هذه الدلالة الشرعية إلى دلالة أخرى ترتكز على حدوث مكالمة، مما يصرف الإنسان عن تدبره إلى الاهتمام بالرد على المكالمة». ويرى الدكتور جمعة أن الرد على المكالمة قد يؤدي إلى قطع للآية وبتر للمعنى، بل وقلب للمعنى أحيانا، وذلك عند إيقاف القراءة للرد على الهاتف، مشيرا إلى أن الحال بالنسبة للأذان لا يختلف عن الحال بالنسبة للقرآن الكريم. وقال مفتي مصر إنه لا يليق بالأذان أن يكون رنة للهاتف الجوال لأنه شرع للإعلام بدخول وقت الصلاة، وفي وضعه رنة للجوال فإن ذلك يحدث لبسا وإيهاما بدخول الوقت، كما أن فيه استخداما له في غير موضعه. وشدد المفتي على أن كلام الله تعالى له قدسيته وتعامله الخاص اللائق به، ويجب احترامه وحسن التعامل معه بطريقة تختلف عن تعاملنا مع غيره. وفي تعليقه على هذه الفتوى، رفض الدكتور محمد الدسوقي، أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة القاهرة وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة، أن يكون في وضع آيات قصيرة من القرآن الكريم أو الأذان على الهاتف الجوال واستخدامها كرنات للهاتف استهتار بالقرآن الكريم أو مساس بقدسيته، بل إن في هذا العمل نوعا من التذكير والإعلان لشعار الإسلام، خاصة في الوقت الذي يواجه فيه الإسلام هجوما شرسا، وذلك عملا بقول الله تعالى «وذكّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين». وتابع قائلا «أما القول بأنه في حالة أن الرد على المكالمة قد يؤدي إلى قطع للآية وبتر للمعنى بل وقلب للمعنى أحيانا عند إيقاف القراءة للرد على الهاتف، فليس هذا مبررا قويا لمنع استخدام القرآن الكريم والأذان كرنات للهاتف الجوال، وذلك لأن الآيات التي توضع على الهاتف الجوال ليست طويلة وإنما هي آيات قصيرة، كما أنه يجب ألا نشغل الناس بمثل هذه الأمور الهامشية، ونصدر لها الفتاوى عن أمور أخرى أهم يجب أن يسخر لها العلماء جهودهم، لا أن يختلفوا حول قضايا فرعية، فمن الأفضل لعلمائنا أن يفكروا في ما هو أهم، مثل العمل على تذكير الناس بحقائق الدين حتى يلتزموا به التزاما عمليا صحيحا، وأن يواجهوا قضايا التفكك الأسرى والبطالة والتطرف والتشدد وغيرها من الأمور المهمة. بينما يؤيد الداعية الإسلامي الشيخ يوسف البدري عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في القاهرة فتوى مفتى مصر بضرورة منع وضع القرآن الكريم أو الأذان مكان رنات الهاتف الجوال، قائلا «هذه الفتوى أصابت كبد الحقيقة، وذلك لأن القرآن الكريم لم ينزل ليكون لوحة تزين جدارا، وليس بديلا عن رنات الهاتف، لأن القرآن الكريم له جلاله وقدسيته ولا بد أن يصان عن العبث، وبالتالي لا يجوز استخدام القران الكريم أو الأذان كرنات للهاتف الجوال، لأن الرد على المكالمة قد يؤدي إلى قطع للآية وبتر للمعنى بل وقلب للمعنى عند إيقاف القراءة للرد على الهاتف، مثل قول الله تعالى (طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى)، فإذا تم قطع الآية عند قول الله تعالى (طه ما أنزلنا عليك القرآن)، هنا ينقلب المعنى إلى نفي نزول القرآن، أي أن القرآن لم ينزل».. مشيرا إلى أن الحال بالنسبة للأذان لا يختلف عن الحال بالنسبة للقرآن الكريم، فعندما يرن الهاتف بالأذان يظن بعض الناس أن وقت الأذان قد حان، مما قد يحدث بلبلة. يذكر أن مجمع البحوث الإسلامية برئاسة شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي في اجتماع له الشهر الماضي قد أصدر فتوى بعدم جواز استخدام آيات القرآن الكريم كنغمة للهاتف الجوال، بناء على مذكرة قدمها الدكتور مصطفى الشكعة، عضو المجمع إلى شيخ الأزهر، مطالبا بإصدار فتوى شرعية بمنع استخدام آيات القرآن الكريم ووضعها كنغمة للهاتف الجوال، بحجة أن استخدام آيات القرآن كنغمة للجوال يتنافى مع جلال القرآن، وقدسيته، كما أنه يؤدي إلى قطع الآية الكريمة قبل اكتمالها.