نقلت صحيفة "واشنطن بوست" الامريكية عن مسؤولين غربيين ويمنيين تحذيراتهم من خطة لتنظيم القاعدة تهدف إلى دعم "الحراك الجنوبي" الداعي إلى انفصال جنوب اليمن، بهدف تحويل الجنوب إلى ملجأ للتنظيم وتحويله "إلى تربة نموذجية للإرهاب العالمي". وقال خبراء على معرفة وثيقة بالقاعدة إن التنظيم مهيأ لاستغلال الانقسامات داخل البلاد في اجتذاب مجندين ومزيد من التعاطف من جانب القبائل القوية في جنوب اليمن. وتسلط هذه المخاوف الضوء على إلى أي مدى تتحرك الولاياتالمتحدة، في إطار تكثيفها مشاركتها العسكرية نحو التعاون مع حكومة، تواجه انقسامات داخلية تبدو في بعض جوانبها أشد تعقيدا عن تلك القائمة في العراق وأفغانستان وباكستان. وقال نجيب غلاب أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء "تحلم القاعدة بتحقيق انفصال في اليمن، انطلاقا من رغبتها في تحويل الجنوب إلى تربة خصبة نموذجية للإرهاب العالمي". جدير بالذكر أن اليمن، الذي كان في فترة من الفترات دولتين، اتحد عام 1990. إلا أن حربا قصيرة الأمد اندلعتعام 1994. وبعث الرئيس علي عبد الله صالح آلاف اليمنيين للقتال في أفغانستان، وكذلك سلفيين، للقتال في الجنوب. ومنذ ذلك الحين، ساد التوتر هذه المنطقة الواسعة. وتعاني الموارد الحكومية وطأة ضغوط شديدة مع خوضها حربا أخرى ضد حركة تمرد شيعية في الشمال. وينتقد جنوبيون الحكومة لأنها حرمتهم نصيبهم في العائدات النفطية، وطردت الكثير منهم من المؤسسة العسكرية والوظائف الحكومية. واجتاحت موجة من المظاهرات جنوب البلاد، مما دفع الحكومة لشن حملة إجراءات صارمة ضد المنطقة. ويطالب الكثير من أعضاء "الحراك الجنوبي"، وهو تحالف واسع غير محكم، بالانفصال. وفي هذا الصدد، أكد أحمد قاسم، الناشط الانفصالي "لم نعد نرغب في الحصول على حقوقنا من الحكومة، وإنما نريد شمالا وجنوبا منفصلين". في مايو، أعلن تنظيم "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب"، وهي الجماعة المتهمة بتدبير محاولة نسف طائرة ركاب أمريكية في يوم عيد الميلاد، تأييدها مطالب جنوبيين بإقامة دولة منفصلة. وتعهد أمير الجماعة، ناصر الوحيشي، بالانتقام من "القمع" الذي عاناه الجنوبيون. وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن مسلحي القاعدة ازدهرت أوضاعهم بمناطق جنوب وجنوب شرق اليمن، حيث يتمتعون بحماية تحالفات وأعراف قبلية داخل مجتمعات محافظة دينيا لا تتساهل حيال أي تدخل خارجي بشؤونها، حتى لو كان من جانب الحكومة، وأضافت "الواضح أن التشارك في كراهية السلطة المركزية والسياسات الأمريكية بالشرق الأوسط عزز روابط القاعدة مع أبناء القبائل الجنوبية". وكان من شأن التحالف الذي ظهر مؤخرا بين الزعيم القبلي القوي والجهادي السابق طارق الفضلي، و"الحركة الجنوبية"، تفاقم التوترات. يذكر أن الفضلي الذي ينتمي إلى الجنوب شارك في قتال السوفيات في أفغانستان، وبعد ذلك، أرسله الرئيس اليمني للقتال ضد القوى الماركسية السابقة في الجنوب في أثناء الحرب الأهلية. إلا أنه في أبريل، قطع الفضلي صلاته بصالح، وبث زخما جديدا في "الحراك الجنوبي". ومنذ ذلك الحين، تكثفت المظاهرات المناهضة للحكومة. من جانبها، اتهمت الحكومة الفضلي و"الحركة الجنوبية" بالتواطؤ مع القاعدة. وأنكر الفضلي والحراك الجنوبي هذا الاتهام، واتهما صنعاء باستغلال شبح القاعدة في اجتذاب تأييد الولاياتالمتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط. ورغم ذلك، يؤكد بعض النشطاء الحقوقيين أن تحالفا يجري تشكيله بالفعل بين بعض الانفصاليين والفضلي والقاعدة. فقد أعرب كريستوف ويلك، الباحث لدى منظمة "هيومان رايتس ووتش" والمعني بشؤون اليمن، عن اعتقاده أن زعيما واحدا من القاعدة، على الأقل، انضم إلى الفضلي والحراك الجنوبي. وقد قتل هذا الشخص في ضربة جوية يمنية مدعومة من واشنطن الشهر الماضي، حسبما أوضح ويلك.